كل سبت ماشيا وراكبا. فكان يقوم في مسجده يوم الجمعة ويأتي قباء يوم السبت. وكلاهما مؤسس على التقوى. وهكذا أزواجه. وعليّ وفاطمة والحسن الحسين رضي الله عنهم أخص بذلك من أزواجه. ولهذا خصهم بالدعاء. وقد تنازع الناس في آل محمد من هم؟ فقيل : أمته. وهذا قول طائفة من أصحاب محمد ومالك وغيرهم. وقيل : المتقون من أمته. ورووا حديثا (آل محمد كل مؤمن تقي) رواه الخلال ، وتمام في (الفوائد) له. وقد احتج به طائفة من أصحاب أحمد وغيرهم. وهو حديث موضوع. وبنى على ذلك طائفة من الصوفية. أن آل محمد هم خواص الأولياء. كما ذكر الحكيم الترمذيّ. والصحيح أن آل محمد هم أهل بيته. وهذا هو المنقول عن الشافعي وأحمد. وهو اختيار الشريف أبي جعفر وغيرهم. لكن هل أزواجه من أهل بيته؟ على قولين هما روايتان عن أحمد. أحدهما ـ أنهن لسن من أهل البيت. ويروى هذا عن زيد بن أرقم. والثاني ـ وهو الصحيح أن أزواجه من آله. فإنه قد ثبت في الصحيحين (١) عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه علمهم الصلاة عليه : «اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته». ولأن امرأة إبراهيم من آله وأهل بيته. وامرأة لوط من آله وأهل بيته. بدلالة القرآن. فكيف لا يكون أزواج محمد من آله وأهل بيته؟ ولأن هذه الآية تدل على أنهن من أهل بيته ، وإلا لم يكن لذكر ذلك في الكلام معنى. وأما الأتقياء من أمته فهم أولياؤه. كما ثبت في الصحيح (٢) أنه قال : «إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء ، وإنما وليّ الله وصالح المؤمنين». فبيّن أن أولياءه صالح المؤمنين. وكذلك في حديث آخر : «إن أوليائي المتقون حيث كانوا وأين كانوا». وقد قال تعالى : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) [التحريم : ٤] ، وفي الصحاح (٣) عنه أنه قال : «وددت أني رأيت إخواني. قالوا : أولسنا إخوانك؟ قال : بل أنتم أصحابي ، وإخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني». وإذا كان كذلك ، فأولياؤه المتقون ، بينه وبينهم قرابة الدين والإيمان والتقوى. وهذه القرابة الدينية أعظم من القرابة الطبيعية. والقرب بين القلوب والأرواح أعظم من القرب بين الأبدان.
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الأنبياء ، ١٠ ـ باب حدثنا موسى بن إسماعيل ، حديث ١٥٩٠ ، عن أبي حميد الساعدي.
ومسلم في : الصلاة ، حديث رقم ٦٩.
(٢) أخرجه البخاري في : الأدب ، ١٤ ـ باب يبلّ الرحم ببلالها ، حديث ٢٣١٥ ، عن عمرو بن العاص.
وأخرجه مسلم في الإيمان ، حديث رقم ٣٦٦.
(٣) أخرجه مسلم في : الطهارة ، حديث رقم ٣٩.