بمرور الزمان.
فهاتيك الغرائز الثابتة والروحيات الخالدة ، لا تستغني عن قانون ينظم اتجاهاتها ، وتشريع ينظِّمها ، وحكم يصونها عن الإفراط والتفريط ، فإذا كان القانون مطابقاً لمقتضى فطرته وصالحاً لتعديلها ومقتضياً لصلاحها ومقاوماً لفسادها ، لزم خلوده بخلودها ، وثبوته بثبوتها.
والسائل قد قصر النظر على ما يحيط به من شروط العيش المختلفة المتبدّلة ، وذهل عن أنّ للإنسان خلقاً وروحيات وغرائز ، قد فطر عليها ، لا تنفك عنه ما دام إنساناً ، وكلّ واحد منها يقتضي حكماً يناسبه ولا يباينه بل يلائمه ، ويدوم بدوامه ويثبت بثبوته عبر الأجيال والقرون.
ودونك نماذج من هذه الأُمور ليتبين لك بأنّ التطور لا يعم جميع نواحي الحياة ، وأنّ الثابت منها يقتضي حكماً ثابتاً لا متطوراً :
١ ـ إنّ الإنسان بما هو موجود اجتماعي ، يحتاج لحفظ حياته وبقاء نسله إلى العيش الاجتماعي والحياة العائلية ، وهذان الأمران من أُسس حياة الإنسان ، لا تفتأ تقوم عليهما في جملة ما تقوم عليه منذ بدء حياته.
وعلى هذا ، فإذا كان التشريع الموضوع لتنظيم المجتمع مبنياً على العدالة ، حافظاً لحقوق أفراده ، خالياً عن الظلم والجور والتعسّف ، وبعبارة أُخرى موضوعاً على ملاكات واقعية ، ضامناً لمصلحة الاجتماع وصائناً له من الفساد والانهيار ، لزم بقاؤه ودوامه ، ما دام مرتكزاً على العدل والانصاف.
٢ ـ إنّ التفاوت بين الرجل والمرأة أمر طبيعي محسوس ، فهما موجودان مختلفان اختلافاً عضوياً وروحياً على رغم كل الدعايات السخيفة الكاذبة ، التي تريد إزالة كل تفاوت بينهما ، ولأجل ذلك ، اختلفت أحكام كل منهما عن الآخر ، اختلافاً يقتضيه طبع كل منها ، فإذا كان التشريع مطابقاً لفطرتهما ومسايراً