إيمانهم ، وإلا بعد أن أخبره ربه : أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ، وإلا بعد أن رأى منهم ـ بعد ألف سنة إلا خمسين عاما عاشها معهم ـ أنهم قوم قد استحبوا العمى على الهدى ، وأن الأبناء منهم يسيرون على طريقة الآباء في الكفر والفجور .. وإلى جانب دعاء نوح ـ عليهالسلام ـ على الكافرين بالهلاك الساحق .. نراه يختتم دعاءه بالمغفرة والرحمة للمؤمنين ، فيقول : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ).
أى : يا رب أسألك أن تغفر لي ذنوبي ، وأن تغفر لوالدي ـ أيضا ـ ذنوبهما ، ويفهم من هذا الدعاء أنهما كانا مؤمنين ، وإلا لما دعا لهما بهذا الدعاء.
(وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) واغفر يا إلهى لكل من دخل بيتي وهو متصف بصفة الإيمان ، فيخرج بذلك من دخله وهو كافر كامرأته وابنه الذي غرق مع المغرقين.
(وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) أى : واغفر يا رب ذنوب المؤمنين والمؤمنات بك إلى يوم القيامة.
(وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) أى : ولا تزد الظالمين إلا هلاكا وخسارا ودمارا. يقال : تبره يتبره ، إذا أهلكه. ويتعدى بالتضعيف فيقال : تبره الله تتبيرا ، ومنه قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ).
وهكذا اختتمت السورة الكريمة بهذا الدعاء الذي فيه طلب المغفرة للمؤمنين ، والهلاك للكافرين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
|
كتبه الراجي عفو ربه د. محمد سيد طنطاوى |