وعمر ـ رضى الله عنه ـ يقول في شأن أبى بكر : «هو سيدنا وأعتق سيدنا» يعنى : بلال ابن رباح ...
قال صاحب الكشاف عند تفسيره ، لهذه الآيات : ولقد تأدب الناس بأدب الله في هذا تأدبا حسنا ، فقد روى عن سفيان الثوري ـ رحمهالله ـ ، أن الفقراء كانوا في مجلسه أمراء ... (١).
ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك ، إلى الحديث عن جانب من نعم الله ـ تعالى ـ على خلقه ، وموقفهم من هذه النعم ، فقال ـ تعالى ـ :
(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠) وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ)(٣٢)
قال الإمام الرازي : اعلم أنه ـ تعالى ـ لما بدأ بذكر القصة المشتملة على ترفع صناديد قريش على فقراء المسلمين ، عجب عباده المؤمنين من ذلك ، فكأنه قيل : وأى سبب في هذا العجب والترفع؟ مع أن أوله نطفة قذرة ، وآخره جيفة مذرة ، وفيما بين الوقتين حمال عذرة. فلا عجب أن ذكر الله ـ تعالى ـ ما يصلح أن يكون علاجا لعجبهم وما يصلح أن يكون علاجا لكفرهم ، فإن خلقة الإنسان يستدل بها على وجود الصانع ، وعلى القول بالبعث والحشر والنشر ... (٢).
والمراد بالإنسان هنا : الإنسان الكافر الجاحد لنعم ربه. ومعنى «قتل» : لعن وطرد من
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٧٠١.
(٢) تفسير الفخر الرازي ج ٨ ص ٣٣٤.