تؤدى إلى مجاهدة النفس ، وحملها على طاعة الله ـ تعالى ـ.
والمسغبة : المجاعة ، مصدر ميمى بمعنى السّغب ، يقال : سغب الرجل ـ كفرح ونصر ـ إذا أصابه الجوع. ووصف اليوم بذلك على سبيل المبالغة كما في قولهم : نهاره صائم ..
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي «أطعم» بصيغة الفعل الماضي.
أى : اقتحام العقبة. أى : التمكن من حمل النفس على طاعة الله ـ تعالى ـ يتمثل في فك الرقاب. وفي إطعام المحتاجين في يوم يشتد فيه جوعهم.
وقوله ـ سبحانه ـ : (يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) بيان لفضيلة ثالثة من الفضائل التي تؤدى إلى رضا الله ـ تعالى ـ.
وقوله : (يَتِيماً) منصوب على أنه مفعول به لقوله «إطعام» أو أطعم على القراءة الثانية. واليتيم : هو الشخص الذي مات أبوه وهو صغير ..
والمقربة : بمعنى القرابة ، مصدر ميمى ، من قرب فلان من فلان ، إذا كان بينهما نسب قريب ..
والمتربة : الحاجة والافتقار الشديد ، مصدر ميمى من ترب الرجل ـ كطرب ـ إذا افتقر ، حتى لكأنه قد لصق بالتراب من شدة الفقر ، وأنه ليس له مأوى سوى التراب.
وأما قولهم : أترب فلان ، فمعناه استغنى ، حتى لكأن ماله قد صار كالتراب من كثرته.
أى : اقتحام العقبة من أكبر مظاهره : فك الرقاب ، وإطعام الطعام لليتامى الأقارب ، وللمساكين المحتاجين إلى العون والمساعدة.
وخص ـ سبحانه ـ الإطعام بكونه في يوم ذي مجاعة ، لأن إخراج المال في وقت القحط ، أثقل على النفس ، وأوجب لجزيل الأجر ، كما قال ـ تعالى ـ : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).
وقيد ـ سبحانه ـ اليتيم بكونه ذا مقربة ، لأنه في هذه الحالة يكون له حقان : حق القرابة ، وحق اليتم ، ومن كان كذلك فهو أولى بالمساعدة من غيره.
وقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ، وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) معطوف على قوله ـ تعالى ـ قبل ذلك (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ..).
و «ثم» هنا للتراخي الرتبى ، للدلالة على أن ما بعدها أصل لقبول ما قبلها.
والمعنى : هلا كان هذا الإنسان ممن فكوا الرقاب ، وأطعموا الطعام لليتامى والمساكين .. ثم كان ـ فضلا عن كل ذلك ـ من الذين آمنوا بالله ـ تعالى ـ إيمانا حقا ، وممن أوصى بعضهم