أى : احذروا أن تقتلوا الناقة ، واحذروا أن تشاركوها في اليوم الخاص بشربها ، فضلا عن أن تؤذوها.
وقوله ـ سبحانه ـ : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) بيان لموقفهم السيئ من تحذير نبيهم لهم ولما أصابهم من عذاب مهلك بسبب هذا التكذيب.
وقوله : (فَدَمْدَمَ) ـ بزنة فعلل ـ بمعنى تضعيف العذاب وترديده ، يقال : دمدمت على الشيء ، أى : أطبقت عليه ، ودمدم عليه القبر ، أى : أطبقه عليه.
أى : فكذب قوم صالح نبيهم ، وأصروا على هذا التكذيب ، وتجاوزوا ذلك إلى عقر الناقة التي نهاهم عن مسها بسوء ... فكانت نتيجة ذلك ، أن أهلكهم الله ـ تعالى ـ وأن أخذهم أخذ عزيز مقتدر ، فقد أطبق عليهم الأرض ، وسواها من فوقهم جميعا دون أن يفلت منهم أحد ، وصاروا كلهم تحت ترابها ، ونجى ـ سبحانه ـ صالحا ومن آمن معه. بفضله ورحمته.
والضمير في قوله ـ سبحانه ـ : (وَلا يَخافُ عُقْباها) يعود إلى الله ـ تعالى ـ أى : ولا يخاف الله ـ تعالى ـ عاقبة ما فعله بهؤلاء الطغاة الأشقياء ، لأن الذي يخاف إنما هو المخلوق.
أما الخالق لكل شيء ، فإنه ـ تعالى ـ لا يخاف أحدا ، لأنه لا يسأل عما يفعل ، ولأنه ـ تعالى ـ هو العادل في أحكامه. والضمير في عقباها ، يعود إلى الفعلة أو إلى الدمدمة.
ومنهم من جعل الضمير في «يخاف» يعود إلى أشقاها ، أى : أن هذا الشقي قد أسرع إلى عقر الناقة دون أن يخشى سوء عاقبة فعله ، لطغيانه وجهله.
نسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعلنا جميعا من عباده الصالحين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
|
الراجي عفو ربه د. محمد سيد طنطاوى |