التفسير
قال الله ـ تعالى ـ :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٥)
والضمير المنصوب في قوله ـ تعالى ـ (أَنْزَلْناهُ) يعود إلى القرآن الكريم ، وفي الإتيان بهذا الضمير للقرآن ، مع أنه لم يجر له ذكر ، تنويه بشأنه ، وإيذان بشهرة أمره. حتى إنه ليستغنى عن التصريح به ، لحضوره في أذهان المسلمين.
والمراد بإنزاله : ابتداء نزوله على النبي صلىاللهعليهوسلم ، لأنه من المعروف أن القرآن الكريم ، قد نزل على النبي صلىاللهعليهوسلم منجما ، في مدة ثلاث وعشرين سنة تقريبا.
ويصح أن يكون المراد بأنزلناه ، أى : أنزلناه جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، ثم نزل بعد ذلك منجما على النبي صلىاللهعليهوسلم.
قال الإمام ابن كثير : قال ابن عباس وغيره : أنزل الله ـ تعالى ـ القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع ، في ثلاث وعشرين سنة ، على رسول الله صلىاللهعليهوسلم. (١) والقدر الذي أضيفت إليه الليلة ، بمعنى الشرف والعظمة ، مأخوذ من قولهم : لفلان قدر عند فلان ، أى : له منزلة رفيعة ، وشرف عظيم ، فسميت هذه الليلة بذلك ، لعظم قدرها وشرفها ، إذ هي الليلة التي نزل فيها قرآن ذو قدر ، بواسطة ملك ذي قدر ، على رسول ذي
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٤٦٣.