التفسير
قال الله ـ تعالى ـ :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)(٥)
والاستفهام في قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ ...) للتقرير بما تواتر نقله وعلمه صلىاللهعليهوسلم وعلمه غيره علما مستفيضا ... حتى إن العرب كانوا يؤرخون بتلك الحادثة ، فيقولون : هذا الأمر حدث في عام الفيل ، أو بعده أو قبله ... والمراد بالرؤية هنا : العلم المحقق.
وعبر ـ سبحانه ـ عن العلم بالرؤية ، لأن خبر هذه القصة ـ كما أشرنا كان من الشهرة بمكان ، فالعلم الحاصل بها مساو في قوة الثبوت للرؤية والمشاهدة.
والمعنى : لقد علمت ـ أيها الرسول الكريم ـ علما لا يخالطه ريب أو لبس ، ما فعله ربك بأصحاب الفيل ، الذين جاءوا لهدم الكعبة ، حيث أهلكناهم إهلاكا شنيعا ، كانت فيه العبرة والعظة ، والدلالة الواضحة على قدرتنا ، وعلى حمايتنا لبيتنا الحرام.
وأوقع ـ سبحانه ـ الاستفهام عن كيفية ما أنزله بهم ، لا عن الفعل ذاته ، لأن الكيفية أكثر دلالة على قدرته ـ تعالى ـ وعلى أنه ـ سبحانه ـ لا يعجزه شيء.
وفي التعبير بقوله : (فَعَلَ رَبُّكَ ...) إشارة إلى أن هذا الفعل لا يقدر عليه أحد سواه ـ سبحانه ـ فهو الذي ربي نبيه صلىاللهعليهوسلم وتعهده بالرعاية ، وهو الكفيل بنصره على أعدائه ، كما نصر أهل مكة ، على جيوش الحبشة ... وهم أصحاب الفيل.
ووصفوا بأنهم «أصحاب الفيل» لأنهم أحضروا معهم الفيلة ، ليستعينوا بها على هدم الكعبة ، وعلى إذلال أهل مكة.