التفسير
قال الله ـ تعالى ـ :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)(٤)
والإيلاف : مصدر آلفت الشيء إيلافا و «إلفا» إذا لزمته وتعودت عليه. وتقول : آلفت فلانا الشيء ، إذا ألزمته إياه. والإيلاف ـ أيضا ـ اجتماع الشمل مع الالتئام ، ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ...).
ولفظ «إيلاف» مضاف لمفعوله وهو قريش ، والفاعل هو الله ـ تعالى ـ : و «قريش» هم ولد النضر بن كنانة ـ على الأرجح ـ وهو الجد الثالث عشر للنبي صلىاللهعليهوسلم.
قال القرطبي ما ملخصه : وأما قريش فهم بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس ، بن مضر ، فكل من كان من ولد النضر فهو قرشي.
وسموا قريشا ، لتجمعهم بعد التفرق ، إذ التقرش : التجمع والالتئام ... أو سموا بذلك لأنهم كانوا تجارا يأكلون من مكاسبهم ، والتقرش : التكسب ، ويقال : قرش فلان يقرش قرشا ـ كقتل ـ ، إذا كسب المال وجمعه ... (١).
وقوله : (إِيلافِهِمْ) بدل أو عطف بيان من قوله (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) ، وهو من أسلوب الإجمال فالتفصيل للعناية بالخبر ، ليتمكن في ذهن السامع كما في قوله ـ تعالى ـ : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ ، أَسْبابَ السَّماواتِ ...).
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٢٠ ص ٢٠٢.