التفسير
قال الله ـ تعالى ـ :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤)
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)(٦)
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ أعوذ وألتجئ وأعتصم «برب الناس» أى : بمربيهم ومصلح أمورهم ، وراعى شئونهم ... إذ الرب هو الذي يقوم بتدبير أمر غيره ، وإصلاح حاله ...
(مَلِكِ النَّاسِ) أى المالك لأمرهم ملكا تاما. والمتصرف في شئونهم تصرفا كاملا ...
(إِلهِ النَّاسِ) أى : الذي يدين له الناس بالعبودية والخضوع والطاعة لأنه هو وحده الذي خلقهم وأوجدهم في هذه الحياة ، وأسبغ عليهم من النعم ما لا يحصى ...
وبدأ ـ سبحانه ـ بإضافة الناس إلى ربهم ، لأن الربوبية من أوائل نعم الله ـ تعالى ـ على عباده ، وثنى بذكر المالك ، لأنه إنما يدرك ذلك بعد أن يصير عاقلا مدركا ، وختم بالإضافة إلى الألوهية ، لأن الإنسان بعد أن يدرك ويتعلم ، يدرك أن المستحق للعبادة هو الله رب العالمين.
قال الجمل : وقد وقع ترتيب هذه الإضافات على الوجه الأكمل ، الدال على الوحدانية ، لأن من رأى ما عليه من النعم الظاهرة والباطنة ، علم أن له مربيا ، فإذا درج في العروج ... علم أنه ـ تعالى ـ غنى عن الكل ، والكل راجع إليه ، وعن أمره تجرى أمورهم ، فيعلم أنه