روى البخاري عن أبى سعيد الخدري قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره ، طبقا واحدا ـ أى : يصير ظهره كالشىء الصلب فلا يقدر على السجود ـ.
وعن ابن عباس قال : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) : وهو يوم كرب وشدة .. (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة ، بالتهديد الشديد للكافرين ، وببيان جانب من تصرفه الحكيم معهم ، وبتسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم عما أصابه منهم ، ويأمره بالصبر على أذاهم ، وعلى أحقادهم التي تنبئ عنها نظراتهم المسمومة إليه ، فقال ـ تعالى ـ :
(فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ)(٥٢)
والفاء في قوله : (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ ...) لترتيب ما بعدها على ما قبلها.
والفعل : (فَذَرْنِي) من الأفعال التي يأتى منها الأمر والمضارع ، ولم يسمع لها ماض ، وهو بمعنى اترك. يقال : ذره يفعل كذا ، أى : اتركه. ومنه قوله ـ تعالى ـ (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).
والمراد (بِهذَا الْحَدِيثِ ...) ما أوحاه الله ـ تعالى ـ إلى نبيه صلىاللهعليهوسلم من قرآن كريم ، ومن توجيهات حكيمة ، لكي يبلغها للناس.
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٨ ص ٢٢٤.