تلبسه المرأة في رجلها ـ وهو جمع خدمة كرقاب جمع رقبة ـ مثل في شدة الأمر ، وصعوبة الخطب ، وأصله في الروع والهزيمة وتشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب ، وإبداء خدامهن عند ذلك ..
كما قال الشاعر :
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها |
|
وإن شمرت عن سوقها الحرب شمرا |
فمعنى يوم يكشف عن ساق : يوم يشتد الأمر ويتفاقم ، ولا كشف ولا ساق ، كما تقول للأقطع الشحيح : يده مغلولة ، ولا يد ثمّ ولا غل ، وإنما هو مثل في البخل ..
فإن قلت : فلم جاءت منكرة في التمثيل؟ قلت : للدلالة على أنه أمر مبهم في الشدة ، فظيع خارج عن المألوف .. (١).
والمعنى : اذكر لهم ـ أيها الرسول الكريم ـ لكي يعتبروا ويتعظوا أهوال يوم القيامة ، يوم يشتد الأمر ، ويعظم الهول.
(وَيُدْعَوْنَ) هؤلاء الذين فسقوا عن أمر ربهم في هذا اليوم (إِلَى السُّجُودِ) لله ـ تعالى ـ على سبيل التوبيخ لهم ، لأنهم كانوا ممتنعين عنه في الدنيا ..
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ) أى : فلا يستطيعون ذلك ، لأنه الله ـ تعالى ـ سلب منهم القدرة على السجود له في هذا اليوم العظيم ، لأنه يوم جزاء وليس يوم تكليف والذين يدعونهم إلى السجود ، هم الملائكة بأمره ـ تعالى ـ.
وقوله : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ ...) حال من فاعل (يُدْعَوْنَ) وخشوع الأبصار : كناية عن الذلة والخوف الشديد. ونسب الخشوع إلى الأبصار ، لظهور أثره فيها.
أى : هم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون ذلك. لأنه ـ تعالى ـ سلب منهم القدرة عليه ، ثم يساقون إلى النار ، حالة كونهم ذليلة أبصارهم ، منخفضة رءوسهم ..
(تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) أى : تغشاهم وتعلوهم ذلة وانكسار ..
(وَقَدْ كانُوا) في الدنيا (يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) لله ـ تعالى ـ (وَهُمْ سالِمُونَ) أى : وهم قادرون على السجود له ـ تعالى ـ ، ومتمكنون من ذلك أقوى تمكن ... ، ولكنهم كانوا يعرضون عمن يدعوهم إلى إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ ، ويستهزئون به ..
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه : قوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ...) يعنى يوم القيامة ، وما يكون فيه من الأهوال ، والزلازل ، والبلايا ، والامتحان ، والأمور العظام ..
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٥٩٤.