وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : (أَنُلْزِمُكُمُوها) قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه ، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس : أنه كان يقرأ : «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون» وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال في قراءة أبيّ : «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبيّ بن كعب أنه قرأ «أنلزمكموها من شطر قلوبنا». وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله : (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا) ، قال : قالوا له : يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطردهم ، إلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء ، وفي قوله : (إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) قال : فيسألهم عن أعمالهم. (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) التي لا يفنيها شيء ، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها ، لأعطيكم منها بملك لي عليها (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) نزلت من السماء برسالة ، ما أنا إلّا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد (وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ). قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله : (لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) قال : يعني إيمانا. وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) قال : تكذيبا بالعذاب وأنه باطل.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥) وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٩) حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (٤٠) وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢) قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣) وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤))
قوله : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) أنكر سبحانه عليهم قولهم : إن ما أوحي إلى نوح مفترى ، فقال : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) ثم أمره أن يجيب بكلام منصف ، فقال : (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي) بكسر الهمزة على قراءة الجمهور ، مصدر أجرم ، أي : فعل ما يوجب الإثم ، وجرم وأجرم بمعنى ، قاله النحاس ، والمعنى : فعليّ إثمي أو جزاء كسبي. ومن قرأ بفتح الهمزة ، قال : هو جمع جرم ذكره النحاس أيضا (وَأَنَا بَرِيءٌ