من العرب يسألون أهل الكتاب ويرجعون إليهم ، فأرشدهم الله سبحانه في هذه الآية إلى أن أهل الكتاب يعلمون ذلك ؛ وقيل : المراد بالكتاب القرآن ومن عنده علم منه هم المسلمون ؛ وقيل : المراد من عنده علم اللوح المحفوظ ، وهو الله سبحانه واختار هذا الزجاج ، وقال : لأن الأشبه أن الله لا يستشهد على خلقه بغيره.
وقد أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قوله : (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) قال : «ذهب العلماء». وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة ، ونعيم بن حماد في الفتن ، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والحاكم وصحّحه ، عن ابن عباس في قوله : (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) قال : موت علمائها وفقهائها وذهاب خيار أهلها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد في تفسير الآية قال : موت العلماء. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية : قال : أو لم يروا أنا نفتح لمحمد الأرض بعد الأرض. وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحّاك في الآية قال : يعني أنّ نبيّ الله كان ينتقص له ما حوله الأرضين ينظرون إلى ذلك فلا يعتبرون. وقال الله في سورة الأنبياء : (نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) (١) ، بل نبيّ الله وأصحابه هم الغالبون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : نقصان أهلها وبركتها. وأخرج ابن المنذر عنه قال : أو لم يروا إلى القرية تخرب حتى يكون العمران في ناحية منها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) : ليس أحد يتعقب حكمه فيردّه كما يتعقب أهل الدنيا بعضهم حكم بعض فيردّه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : «قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسقف من اليمن فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هل تجدني في الإنجيل؟ قال : لا ، فأنزل الله (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) يقول عبد الله بن سلام. وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الملك بن عمير عن جندب قال : جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي باب المسجد ، ثم قال : أنشدكم بالله أتعلمون أني الذي أنزلت (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)؟ قالوا : اللهم نعم. وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قال : هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في الآية قال : كان قوم من أهل الكتاب يشهدون بالحق ويعرفونه ، منهم عبد الله بن سلام والجارود وتميم الداري وسلمان الفارسي. وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن مردويه وابن عديّ بسند ضعيف عن ابن عمر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قرأ : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قال : ومن عند الله علم الكتاب. وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يقرأ : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) يقول : ومن عند الله علم الكتاب. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والنحّاس في ناسخه ، عن سعيد بن جبير أنه سئل عن قوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ
__________________
(١). الأنبياء : ٤٤.