يستفتحوا ، وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : وعدهم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ، فبين الله من يسكنها من عباده فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (١) وإن لله مقاما هو قائمه ، وإن أهل الإيمان خافوا ذلك المقام فنصبوا ودأبوا الليل والنهار. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (وَاسْتَفْتَحُوا) قال : للرسل كلها يقول استنصروا ، وفي قوله : (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) قال : معاند للحقّ مجانب له. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : استنصرت الرسل على قومها (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) يقول : عنيد عن الحقّ معرض عنه ، أبى أن يقول لا إله إلا الله. وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال : العنيد ، الناكب عن الحق. وأخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني ، وأبو نعيم في الحلية وصحّحه ، وابن مردويه والبيهقي عن أبي أمامة عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ) قال : «يقرّب إليه فيتكرّهه ، فإذا دنا منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره». يقول الله تعالى : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (٢) وقال : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ) (٣). وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس في قوله : (مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) قال : يسيل من جلد الكافر ولحمه. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : (مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) هو القيح والدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) قال : أنواع العذاب ، وليس منها نوع إلا الموت يأتيه منه لو كان يموت ، ولكنه لا يموت ؛ لأنّ الله يقول : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) (٤). وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ميمون ابن مهران (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) قال : من كلّ عظم وعرق وعصب. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن كعب نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي قال : من موضع كلّ شعرة في جسده (وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) قال : الخلود. وأخرج ابن المنذر عن الفضيل بن عياض (وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) قال : حبس الأنفاس. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) الآية قال : مثل الذين عبدوا غيره فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون على شيء من أعمالهم ينفعهم ، كما لا يقدر على الرماد إذا أرسل في يوم عاصف.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ
__________________
(١). الرحمن : ٤٦.
(٢). محمد : ١٥.
(٣). الكهف : ٢٩.
(٤). فاطر : ٣٦.