وأخرج أحمد ، والترمذي وصحّحه ، وابن جرير وابن المنذر والطبراني ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي ، والضياء في المختارة ، عن ابن عباس قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم بمكة ثم أمر بالهجرة ، فأنزل الله (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) وأخرج الحاكم وصحّحه ، والبيهقي في الدلائل ، عن قتادة في قوله : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي) الآية قال : أخرجه الله من مكة مخرج صدق ، وأدخله المدينة مدخل صدق. قال : وعلم نبي الله أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان فسأل سلطانا نصيرا لكتاب الله وحدوده وفرائضه ولإقامة كتاب الله ، فإن السلطان عزة من الله جعلها بين أظهر عباده ، ولو لا ذلك لأغار بعضهم على بعض ، وأكل شديدهم ضعيفهم. وأخرج الخطيب عن عمر بن الخطاب قال : والله لما يزع الله بالسلطان أعظم ممّا يزع بالقرآن. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال : «دخل النبي صلىاللهعليهوسلم مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب ، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) (١) وفي الباب أحاديث. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (وَنَأى بِجانِبِهِ) قال : تباعد.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (كانَ يَؤُساً) قال : قنوطا ، وفي قوله : (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) قال : على ناحيته. وأخرج هناد وابن المنذر عن الحسن قال : (عَلى شاكِلَتِهِ) على نيته. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال : «كنت أمشي مع النبي صلىاللهعليهوسلم في خرب المدينة وهو متكئ على عسيب ، فمرّ بقوم من اليهود فقال بعضهم لبعض : اسألوه عن الروح ، فقال بعضهم : لا تسألوه ، فقالوا : يا محمد ما الروح؟ فما زال متّكئا على العسيب فظننت أنه يوحى إليه ، فقال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)». وأخرج أحمد ، والترمذي وصحّحه ، والنسائي وابن المنذر وابن حبان ، وأبو الشيخ في العظمة ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس قال : قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل ، قالوا : سلوه عن الروح ، فنزلت (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) قالوا : أوتينا علما كثيرا ، أوتينا التوراة ، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا ، فأنزل الله : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (٢). وفي الباب أحاديث وآثار.
(وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (٨٦) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٧) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨) وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ
__________________
(١). سبأ : ٤٩.
(٢). الكهف : ١٠٩.