إلى الفساد : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (١) والمحتاج إلى وليّ يمنعه من الذلّ وينصره على من أراد إذلاله ضعيف لا يقدر على ما يقدر عليه من هو مستغن بنفسه (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) أي : عظّمه تعظيما وصفه بأنه أعظم من كل شيء.
وقد أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : «صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة ذات يوم فقال في دعائه : يا الله يا رحمن ، فقال المشركون : انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا أن ندعو إلهين ، وهو يدعو إلهين ، فأنزل الله : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) الآية». وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : إن اليهود سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الرحمن ، وكان لهم كاهن باليمامة يسمونه الرحمن ، فنزلت الآية. وهو مرسل. وأخرج ابن جرير عن مكحول «أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يتهجّد بمكة ذات ليلة يقول في سجوده يا رحمن يا رحيم ، فسمعه رجل من المشركين ، فلما أصبح قال لأصحابه : إن ابن أبي كبشة يدعو الليلة الرحمن الذي باليمن ، وكان رجل باليمن يقال له رحمن ، فنزلت». وأخرج البيهقي في الدلائل ، من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس قال : «سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قول الله : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا) إلى آخر الآية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هو أمان من السرق» وإن رجلا من المهاجرين من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلاها حيث أخذ مضجعه ، فدخل عليه سارق فجمع ما في البيت وحمله ، والرجل ليس بنائم ، حتى انتهى إلى الباب فوجد الباب مردودا ، فوضع الكارة ، ففعل ذلك ثلاث مرات ، فضحك صاحب الدار ثم قال : إني حصّنت بيتي. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) الآية قال : نزلت ورسول الله صلىاللهعليهوسلم متوار ، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فإذا سمع ذلك المشركون سبّوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به ، فقال الله لنبيه : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) أي : بقراءتك ، فيسمع المشركون ، فيسبّوا القرآن (وَلا تُخافِتْ بِها) عن أصحابك ، فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) يقول : بين الجهر والمخافتة. وأخرج ابن مردويه عنه قال : كان نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم يجهر بالقراءة بمكة فيؤذى ، فأنزل الله (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ). وأخرج ابن أبي شيبة عنه أيضا نحوه. وأخرج أبو داود في ناسخه عنه نحوه. وأخرج الطبراني وابن مردويه عنه أيضا قال : كان مسيلمة الكذاب قد سمّي الرحمن ، فكان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا صلى فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قال المشركون : يذكر إله اليمامة ، فأنزل الله (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ). وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر ، والبيهقي في الشعب ، عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن أبا بكر كان إذا قرأ خفض ، وكان عمر إذا قرأ جهر ، فقيل لأبي بكر لم تصنع هذا؟ قال : أنا أناجي ربي ، وقد عرف حاجتي ؛ وقيل : لعمر لم تصنع هذا؟ قال : أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان ، فلما نزل (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قيل لأبي بكر : ارفع شيئا ، وقيل لعمر : اخفض شيئا. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وغيرهم عن عائشة قالت : إنما نزلت هذه الآية : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها)
__________________
(١). الأنبياء : ٢٢.