ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة ، ويلتفتون يمينا وشمالا ، فأنزل الله (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ـ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) فمالوا برءوسهم ، فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة ، ولم يلتفتوا يمينا وشمالا. وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر ، والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في سننه ، عن عليّ أنه سئل عن قوله : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) قال : الخشوع في القلب ، وأن تلين كتفك للمرء المسلم ، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق ، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن ، ثم تلا (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ـ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ). وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (١) (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ) قال : ذلك على مواقيتها ، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها ، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير ، والحاكم وصحّحه ، عن أبي هريرة في قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدّت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في البعث ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ، ومنزل في النار ، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله ، فذلك قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ)». وأخرج عبد بن حميد والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس ، فذكر قصّة ، وفيها أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها» ، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) (٢) ، وقوله : (تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣). ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال ، فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى» وفي لفظ له : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كلّ مسلم يهوديا أو نصرانيا ، فيقول : هذا فكاكك من النار».
__________________
(١). المعارج : ٢٣.
(٢). مريم : ٦٣.
(٣). الأعراف : ٤٣.