يحفظونه من أمامه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله يحفظونه من القتل ، ألم تسمع أن الله يقول في قوله : (إِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) أي إذا أراد سوءا لم يغن الحرس عنه شيئا. وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : هؤلاء الأمراء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : هم الملائكة تعقب بالليل تكتب على ابن آدم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عنه في الآية قال : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عليّ في الآية قال : ليس من عبد إلا ومعه ملائكة يحفظونه من أن يقع عليه حائط ، أو ينزوي في بئر ، أو يأكله سبع أو غرق أو حرق ، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبين القدر. وقد ورد في ذكر الحفظة الموكّلين بالإنسان أحاديث كثيرة مذكورة في كتب الحديث.
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (١٤) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (١٦) أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ (١٧) لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨))
لما خوّف سبحانه عباده بإنزال ما لا مردّ له أتبعه بأمور ترجى من بعض الوجوه ويخاف من بعضها ، وهي البرق والسحاب والرعد والصاعقة ، وقد مرّ في أوّل البقرة تفسير هذه الألفاظ وأسبابها.
وقد اختلف في وجه انتصاب (خَوْفاً وَطَمَعاً) فقيل على المصدرية ، أي : لتخافوا خوفا ولتطمعوا طمعا ، وقيل : على العلة بتقدير إرادة الخوف والطمع لئلا يختلف فاعل الفعل المعلل وفاعل المفعول له ، أو على الحالية من البرق ، أو من المخاطبين بتقدير ذوي خوف ، وقيل غير ذلك مما لا حاجة إليه. قيل : والمراد بالخوف هو الحاصل من الصواعق ، وبالطمع هو الحاصل في المطر. وقال الزجاج : الخوف للمسافر لما يتأذى به من المطر ، والطمع للحاضر ؛ لأنه إذا رأى البرق طمع في المطر الذي هو سبب الخصب (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) التعريف للجنس والواحدة سحابة ، والثقال : جمع ثقيلة ، والمراد أن الله سبحانه يجعل السحاب