من عطف العام على الخاص ، أي وأهل الأرض كلهم قابلون للإهلاك ، والمسيح ابن مريم منهم فحكمه كحكمهم سواء.
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
كالدليل على الدليل أي الدليل على أن الله تعالى هو الملك القادر عليهم أنه ملك جميع من في السموات ومن في الأرض.
قوله تعالى : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ).
أي قالت اليهود : ونحن أبناء الله لا غيرنا ، وقالت النصارى : نحن أبناء الله لا غيرنا ، فكل طائفة كذبت الأخرى في مقالتها ؛ لأنهم أتوا بأداة الحصر وهي البناء على المضمر.
قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ).
ابن عرفة : اختلفوا هل خلا العصر من سمع أو لا؟ حكاه ابن رشد والمازري (١) من كتاب الجهاد ، والآية دالة على أنه لم يخل من سمع ، لقوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ) فلو خلا من سمع لما كانوا أهل الكتاب.
قوله تعالى : (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ).
إن قلت : أول الآية مناقض لآخرها فأولها يقتضي أنهم أهل كتاب ، فقد جاءهم البشير والنذير ، فكيف يقال : إنه محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم جاءهم ليلا ، يقولوا : ما جاءنا من بشير ولا نذير ، قال : والجواب أنه إشارة إلى مغالطتهم ، وأنهم لو لم يبعث إليهم محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنكروا بعث الرسل ؛ لأن إنكار الإنسان لما هو غائب عنه لم يتوصل إليه بالسماع أشد وأقرب من .... (٢) لما هو حاضر بين عينيه يشاهده ويراه في كل وقت.
قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
__________________
(١) المازري هو : الشيخ الإمام العلامة البحر المتفنن أبو عبد الله محمد بن علي بن مر بن محمد التميمي المازري المالكي ، مصنف كتاب المعلم بفوائد شرح مسلم ، ومصنف كتاب إيضاح المحصول في الأصول ، وله تواليف في الأدب وكان أحد الأذكياء الموصوفين والأئمة المتبحرين ، وله شرح كتاب التلقين لعبد الوهاب المالكي في عشرة أسفار هو من أنفس الكتب ، وكان بصيرا بعلم الحديث. سير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٠٤ ، طبقات المحدثين ١ / ١٥٨.
(٢) طمس في المخطوطة.