أنه ندم على تلمذة الغراب واتباعه إياه في تقليده له المواراة فيندم على المواراة الموجبة لتلمذة الغراب.
قوله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ).
قال ابن عرفة : أي يحاربون عباد الله فهو على حذف مضاف ، أو يكون عبر باسم الله تعالى على عباده تشريفا لهم وتعظيما لهم ؛ لأجل محاربتهم لهم فيكون مجازا فيتعارض المجاز والإضمار ، وفيها ثلاثة أقوال ثالثها لرضي الدين النيسابوري : أنهما سواء ، ابن رشد : محاربة الله ورسوله عصيانهما بإضاقة السبيل هو السعي في الأرض فسادا هو المراد بعينها ، ولكنه كرر تخيير لفظه تأكيدا وتعجبا ، كقوله تعالى : حكاية عن يعقوب عليهالسلام (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) [سورة يوسف : ٨٦] والبث والحزن شيء واحد ، وكقول الشاعر :
وهند أتى من دونها النأي والبعد
المحاربة مع الرسول ممكنة ، ومحاربة الله لا تمكن فيحمل على أولياء الله فيكون محاربون قول على الحقيقة والمجاز معا وهو ممتنع ، وأجيب بأن المعنى يخافون أحكام الله ورسوله ، ابن عبد السّلام : المتقدمون يذكرون الخلاف بين العلماء هل لفظة أو فيها .... (١) أو لا ينسبون إلى مذهب التخيير وهو كذلك إلا أنهم إذا ذكروا التخيير ، يقولون : إن الإمام لم يعين بعض هذه العقوبات بمجرد الهوى ، ولكن على قدر الجناية فيخرج التخيير عن حقيقته فيعود ، أو للتفصيل لبعض الأقوال على أو في الآية ليست في التخيير.
قوله تعالى : (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً).
عطف تفسيري مثل (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) [سورة التوبة : ٦١] قال ابن رشد في المقدمات في تلك الآية : أي ويسعون في الأرض فسادا بالحرابة فهو عطف أعم على أخص له ومقيد له لا أنه يفيد أن السارق يقتل ، وأن الظالم يقتل ، قال ابن العربي : ووقعت مسألة في محارب حارب قوما وقاتلهم على امرأة ليتمكن من الزنا بها ، وأفتى العلماء أنه غير محارب ، قال : وهو جهل عظيم بالله وبالمسلمين ، كيف يقال : هذا غير محارب مع أن مفسدة الزنا أشد من مفسدة أخذ المال ، ورده ابن عرفة : : بأنه لو حاربهم لقتلهم فقط لعداوة بينه وبينهم لم يكن محاربا
__________________
(١) كلمة غير واضحة في المخطوطة.