قال ابن عرفة : استدل بها بعضهم على منع التقليد ، قال : والتقليد في التوحيد منعه بعضهم وأجازه بعضهم ، ومنهم من قال : إن التقليد إذا كان توسطا فهو مؤمن كإيمان العوام فإنه مستند إلى خلق الله تعالى للسموات والأرض ، وقال آخرون : المقلد في غير الإيمان مؤمن عند الله ، قال : وإنما هو مؤمن في الظاهر فقط.
وسمعت عن الفقيه المدرس أبي العباس أحمد بن عيسى الصحابي أنه كان يسأل العوام وبعض جهلة الأعراب فإذا رآه أخطأ في بعض عقائد التوحيد ، قال له : أنت كافر وقرر له العقيدة حتى سمعت أنه أباح لمن هذه حاله أن يرد مطلقته بالثلاث ؛ لأنه طلقها في حال الكفر ، وطلاق الكفر باطل ، وكذلك نقل عن تلميذه عبد الرحمن أبي عيسى المدرس الآن ببجاية والله أعلم بصحة ذلك ، وهذا خطأ صراح لا يحل.
قوله تعالى : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ).
إن قلت : كيف هذا مع أن لو لا ما تدخل على الأمر المستقبل وجوده ، وإنما ينكر عليه اتباع آبائهم العالمين لا الجاهلين؟ ، قال : فالجواب أنه من باب أحرى أي أنكر عليهم أولا تقليد من يعلم ، ثم أنكر عليهم من باب أحرى تقليد من لا يعلم.
قوله تعالى : (لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً).
قال ابن عرفة : كان بعضهم يقول : إن كان العقل غير العلم يكون تأسيسا ، وإن كان العقل هو العلم إن العقل بعض العلوم الضرورية فيكون مراجعا للعلم الأول ، والعقل راجع للعلم المستفاد من التعلم ، قيل له : يرجع الأول للعلم الضروري ، والثاني للعلم النظري.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ).
ابن عرفة : هذه الآية تدل على أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان المنكر عاما فهو فرض عين ، ويجب باعتبار الأشخاص فمن هو مقبول القول فيجب عليه ومن دونه يضعف الوجوب في حقه بقدر تفاوتها في قبول القول وهذا إن تحقق قبول قوله ، وإن ظن فقولان بناء على أنه من باب المعلومات فلا يكفي فيه إلا العلم أو من باب العمليات فيكفي فيه غلبة الظن ، والمسألة مذكورة في أصول الدين ، وفي الفقه ، وكذلك إن تحقق أنه نشأ عنه مفسدة فإنه يسقط عنه الوجوب ما لم يخش استحلال المكلف ذلك فإنه يجب عليه التغيير ، انظر ذلك وحققه.
قوله تعالى : (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).