دليل على أن الترك فعل ؛ لأنه لم يتقدمها إلا ترك النهي عن المنكر.
قوله تعالى : (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً).
قال ابن عطية : (عُثِرَ) استعارة لما يوصل إلى علمه بعد عقابه علما اتفاقيا من غير قصد.
ابن عرفة : ومنه العثور على الدقائق ، ومنه العثرة وهي السقطة ، وكان يتعقبه بقول إمام الحرمين في حد النظر الصحيح هو الذي يؤدي إلى العثور على الوجه الذي منه يدل الدليل وهو لا يكون إلا عن نظر.
وقوله (اسْتَحَقَّا إِثْماً).
المراد به الشاهدان فإما أن يكون معناه استوجبا إثما أي بأن يحقق أنهما اتصفا بالإثم ، وإما أن معناه اقتضيا مالا ، فالأول : راجع لتحقيق اتفاقهما بذلك ، والثاني : راجع لدعوى المدعي عليهما أنهما اقتضيا مالا بشهادتهما ، وكان الطلبة يسألون كيف يرتب الجواب على هذا ؛ لأنه إذا حقق اتصاف الشاهدين بالإثم أو تحقق اقتضائهما المال سقطت شهادتهما فلا يحتاج الخصم إلى ....... (١) بوجه ، فكيف صح أن يقول : فآخران يقومان مقامهما؟ ، وأجيب بأن هذا يطرد أن لو قيل : فإن استحقا إثما ، والجواب أنهما استوجبا إثما فكذلك يحلف الآخر لا على التهمة.
قوله تعالى : (يَقُومانِ مَقامَهُما).
جعله أبو حيان مصدر.
ابن عرفة : ليس بمصدر حقيقة بل مشبه بالمصدر ، مثل : ضربته ضرب الأمير ليس من فعل الضارب بل مشبه به فكذلك المعنى فآخران يقومان تشبيها بقيامهما.
قوله تعالى : (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما).
قال ابن عرفة : انظر هل هذا مثل قولهم العسل أحلى من الخل ؛ لأنهما إنما يحلفان أن شهادتهما هي الحق وأن الأخرى باطلة ، أو أن شهادتهما حق ويحلفان كذلك ؛ لأنه تقرر إذا تعارضت ببهتان كلامهما أحق أنه يقدم التي هي أجود وأرجح ، والظاهر الأول.
__________________
(١) سقط في المخطوطة.