اللهِ) وتحقيقا لمذهب أهل السنة في أن من أطاع في شيء وعصى في شيء يطلع من الجنة.
قال الزمخشري : وقرئ يدخل بياء الغيبة وهو التفات.
ورده ابن عرفة بأن الالتفات إنما هو قراءة التكلم ، ثم أجاب بأن هذا اللفظ واقع موقع ضمير المتكلم ، فإنه قال : تلك حدودنا ومن يطيعنا حسبما قال السكاكي : إن مثل الالتفات ، ورده عليه الآخرون وهي مسألة خلاف وجاء هذا على أحد القولين عند البيانيين.
قوله تعالى : (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
قال ابن عرفة : عندي فيه حذف التقابل : (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وله نعيم مقيم ، (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وفي تسمية (يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) إن قلت : ما أفاد قوله : (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) قلت : الجواب أن الفضائل على ما نقل عليها في كتاب النكاح من الإكمال على المازري في حديث : " ولم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم" يطلق على مخالفة الواجب والمندوب ، ولا يلزم من ثبوت الأعم بثبوت الأخص فأتى بالأخص ليكون نصا في أن هذا الوعيد إنما هو أن ارتكب الأمرين ، وإن قلنا : إن العصيان خاص بالمخالفة في الواجب والمحرم فيكون القصد بقوله : (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) رفع لجواز المتوهم فالحاصل أن العطف تأسيس لا تأكيد ، واحتج بعضهم بها لأهل السنة من ناحية أن الثواب لمن اتصف بمطلق الطاعة والوعيد مرتب على مخالف في الأمرين ، وأجيب : بأن الوعيد أيضا بمن اتصف بمطلق العصيان ، ورده شيخنا بأن هذا الوعيد إنما هو لمن تعدّى حدود الله وهو الكافر ، وأما العاصي فلم يتعد الحدود ، وإنما تعدى بعض الحدود ، قيل لابن عرفة : أو يكون العصيان راجعا لمخالفة الأوامر ، وتعدي الحدود لمخالفة [٢٣ / ١١٦] النواهي ..... (١) قوله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) [سورة طه : ١٢١].
قوله تعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ).
قال ابن العربي : لا تدخل فيه الأمة كما لم يدخل العبد كما في قوله تعالى :
(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) [سورة البقرة : ٢٨٢] الآية إذا لم يكن العبد من رجالنا لم تكن الأمة من نسائنا ، فرده ابن عرفة : بأن منصب الشهادة شريف والعبودية
__________________
(١) طمس في المخطوطة.