ابن عرفة : فإن قلت : الذي نص سيبويه وغيره على أن الأصل تقديم المبتدأ المسند إليه على المسند ، قلنا : إما باعتبار حقيقة ذلك فهو الأصل ، وإما باعتبار الكلام فالأكثر في كلامهم تقديم المسند فيقال : عندي ثوب جديد.
قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ).
ابن عرفة : احتج بها من يقول بالتجسيم ، واحتج آخرون على منعه باستحالة حلول الجوهر الواحد والجسم الواحد في مكانين في زمن واحد ، قيل لابن عرفة : لعله غير متناه فيحل في السموات وفي الأرض ، يقال : جعل بعضه في هذه وبعضه في هذه ، أو الآية اقتضت .... (١) كله في الأرض ..... (٢) وأنها لقوله تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) أي بعلمه وإحاطته.
قوله تعالى : (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ).
هذه دليل على أن متعلق الحواس الخمس من قبيل المعلومات بعد تقرير أن صفة السمع مغايرة لصفة البصر.
وقوله تعالى : (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) [سورة طه : ٧].
قيل : هو كلام النفس ، وقال بعضهم : هو الكلام قبل كونه سرا.
قوله تعالى : (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ).
قال الزمخشري : من الثانية للتبعيض.
ابن عرفة : ويحتمل أن يكون لبيان الجنس تعظيما للآية وتنزيلا لها منزلة كل الآيات إشارة إلى أن كل آية في نفسها عظيمة تقوم مقام الآيات الكثيرة.
قوله تعالى : (إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ).
من شرط قيام الصفة بالموصوف عدم اتصافه بضدها وهم لما أتتهم الآية الثالثة على صدق الرسول المشروطة بالنظر أعرضوا عنها ، ولم ينظروا فلو نظروا لآمنوا فشرط الإيمان النظر في الآية فاتصفوا بضد شرطها وهو الإعراض.
قوله تعالى : (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) [٢٩ / ١٤٥] إشارة إلى غوايتهم وشدة تعنتهم في مبادرتهم بالتكذيب بنفس المجيء من غير تأن ولا تأمل.
__________________
(١) طمس في المخطوطة.
(٢) طمس في المخطوطة.