هذا سؤال شهادة ، كقوله تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) [سورة المائدة : ١٠٩].
قوله تعالى : (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ).
احتراس لأن قوله (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ).
إن ذلك سؤال استعلام فنفاه بهذا ، ولذلك أكد الفعل بالنون الشديدة ، وفيه رد على المعتزلة القائلين بأن الله عالم لا يعلم.
قوله تعالى : (وَما كُنَّا غائِبِينَ).
إشارة إلى أنه علم متيقن شاهد.
قوله تعالى : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ).
والوزن يحتمل معنيين :
أحدهما : أن الوزن يومئذ يقع بالعدل والقسط.
الثاني : أن وزن أعمال العباد يومئذ ثابت وأنه لا شك فيه بحال ، وعرف الحق إشارة إلى أنه الحق اليقين الواضح الذي لا مراء فيه.
قال : ونسب الثقل والخفة لكفة الحسنات ، لقوله تعالى : (مَوازِينُهُ) فإضافتها إليه على تقدير اللام ، وكفة السيئات إنما هي موازين عليه ، واختلفوا في ذلك ، فقيل : إنه ميزان واحد ، وقيل : لكل شخص ميزان أخذ بظاهر الآية ، والصحيح الأول ، وعندي أنه جمع في هذه الآية.
قال الإمام فخر الدين في (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [سورة التحريم : ٤] : جمع القلة لاختلاف حالاته وتقلباته ؛ فكذلك يقال هنا.
قال ابن عرفة : ومفهوم أول الآية مناقض لمفهوم آخره ، لأن مفهوم قوله تعالى : (فَمَنْ ثَقُلَتْ). يقتضي أن من تساوت كفات موازينه ليس بخاسر نفسه ، قيل : بهن.
ابن عرفة : كالأنبياء ، ومن لا سيئة لهم بماذا توزن حسناته؟ قال : توضع حسناته في كفة ولا يوضع في الكفة الأخرى شيء ، أو يوضع في الأخرى [...] أو حجارة يوزن بها حسناته ، فقال : الآية إنما تضمنت وزن الحسنات والسيئات ، وقال هنا (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فعبر بجملة اسمية مقرونة بأداة الحصر وهي اسم الإشارة والبنائي المضمر ، وتعريف الخبر دون ذكر علة هذا الحكم.