كما تبين النقد طريق الجامع وتنبيها للصحيح ، فالأول : بينت له ولم يمكن منها ، والثاني : بينت له ويمكن عنها والمعنى ليبين لكم ويمكنكم سلوك طريق من مضى من الأمم ، وإذا مكنوا منها فتارة يهتدوا ، وتارة لا يهتدوا ، ابن عرفة : وهذا ترتيب مني ؛ لأنه يبين أولا طريق الرشاد ومكن من سلوكها وخلق القدرة على سلوكها بعض الناس ، وتاب فمن عصى ولم يسلكها والله أعلم بالبينات.
قوله تعالى : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ).
ابن عطية : هذا تكرار للتأكيد ، فرده أبو حيان : بأن معمول الإرادة هو التكاليف ، أي يريد الله تكاليفهم ليبين لكم وليبين معمول التوبة ، وقال المختصر في هذا نظر ابن عرفة : أراد أن التوبة معلقة بالفعل راجعة إليه ، والتقدير يريد الله تكليفهم ليبين لكم وليتوب عليكم فكأنما معمول له.
قال ابن عرفة : والرد عندي على ابن عطية من وجهين :
أحدهما : أن البيانيين فرقوا بين قولك : زيد يقوم ، ويقوم زيد ، فقولك : (يُرِيدُ اللهُ) أعم (وَاللهُ يُرِيدُ) أخص فهو تأسيس.
الثاني : أن الأول تضمن مشروعية التوبة ، والثاني : إخبار بقبولها ، قيل لابن عرفة : مذهبنا أنها غير واجبة ، فقال : عقلا ، وأما شرعا فقبولها واجب.
قوله تعالى : (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ).
ابن عرفة : منهم النفس فإنها تحب من صاحبها أن يفعل جميع شهواتها ومستلذاتها ، ويقال : يميل بفتح الياء.
قيل لابن عرفة : نص البصري في شرح قول الشقراطيسي
فانقضّ منكسر الأرجاء ذا ميل
أن الميل بالفتح إنما هو في المحسوسات قال : يكون هذا مثل ، قول الزمخشري : في قوله تعالى : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) [سورة طه : ١٠٧] أنه تنزيل المعنوي في منزلة الحسي ، مثاله في الميل والعوج.
قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ).
إشارة إلى أن جميع التكاليف حقيقة ، فينبغي أن تؤخذ بالقبول والامتثال ، أي دليل يريد الله تكليفكم ليبين لكم ، وإشارة إلى أن إباحة نكاح الأمة مع عدم الطول وخوف