عبر بلهم على جهة التهكم بهم فهو إليهم لا لهم ، والمهاد إنما يطلق في الأمر الملائم للحال الموصوفة ؛ فإن كانت حالا حسنة فهو دليل على شدة حسنها ، وإن كانت قبيحة فهو دليل على شدة قبحها.
وقال تعالى في سورة (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [سورة الزمر : ١٦] فقدم هنا لفظة فوق وأخر ههنا ، وأجيب بأنه هنالك روعي فيه لفظ المهاد ؛ والمهاد غالبا يقتضي المكان الذي يمتهد عليه فهو تحت والظلال من تحت ، فعذاب الله تلك أشد ؛ لأنها نار تحت المهاد.
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ).
المشبه بالشيء لا يقوى قوته فدل على أن عذاب هؤلاء أشد من عذاب الظالمين.
قوله تعالى : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً).
تحليل على أن القادر على الشيء يطاق وسعه بلا شك.
قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ).
[٣٤ / ١٦٥] دليل على صحة القول بأن العرض يبقى زمانين ؛ لأن الفعل معنى من المعاني ولا عرض ولا ينزع إلا ما هو قابل للبقاء.
فرد عليه ابن عرفة النزع بمعنى الإعدام ، والمراد نزع نوع الغل مطلقا لا شخصه ، قال : هذا مجاز والأمثل حقيقة ، قيل له : لا بد في الآية من المجاز ؛ لأنهم أجمعوا على أن العرض لا يقوم بنفسه ، وإذا حملت النزع على حقيقته يلزمك مخالفة الإجماع فلا بد من حمله على معنى الإعدام ، فقال : هذا الذي أجمعوا عليه تحمل الآية عليه وتبقى على حقيقتها فيما اختلفوا فيه ، قيل له : إنما حملناها على الإعدام زال المعنى الذي قلتم.
قال : والآية دلت على أن كل صدر فيه الغل فهو أمر جلي لا يقع فيه التكليف ؛ وإنما التكليف بأسنا به ؛ ولذلك يقال : ما علا عبد من حسد فواحد يخفيه وآخر يفشيه.
قوله تعالى : (أُولئِكَ أَصْحابُ النار هُمْ فِيها خالِدُونَ).
إسقاط الفاء هنا ، وأثبتها الفاء في قوله (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة الأحقاف : ١٣] ؛ لأن الإنسان إذا وجد شيئا قد يصدق به ، وقد يبقى على شك ، وإذا خوف من شيء يستقر في نفسه الخوف منه ويسرع إليه الهلع والفزع ،