العربي : فظاهر الآية منع بيع الخيار ؛ لأن التراضي في التجارة إنما يحصل بعد التروي والنظر عن غير عين.
قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ).
قيل لابن عرفة : فمن يقتل نفسه في حد من حدود الله كما أراد بقتل نفسه فقال : هو مأمور ؛ لأنه مأمور بستر نفسه وبالتوبة ، وقد قال مالك في المدونة فيمن قتل أخاه ، وأتى رجل فقتل القاتل قال : أنه يقتل به لافتياته على الإمام فكذلك إذا قتل القاتل نفسه عليه إثمان ، إثم المقتول ، وإثم نفسه ، ونقل له عن عز الدين غير هذا فأذكره.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً).
قال : العدوان إما القصد وإما العمد ، فيكون عطف (وَظُلْماً) تأسيس ، وإما أن يقول : العدوان تعدي الحدود ، والظلم وضع الشيء في غير محله ، فيكون العطف تأكيدا.
قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ).
قال ابن عرفة : لما تضمن الكلام السابق حكم التكاليف وكان العبد في مظنة عدم الوفاء لمشقتها ، فقد تعرض القنوط عقب ذلك ببيان غفرانه تعالى عن كل شيء من ذلك ، قال ابن عرفة : والكبائر عرفها الشيخ عز الدين بأنها كلها كوعد الشارع عليها بعقاب بنص في الكتاب والسنة ، قال : فإن سألني عمن لا نص فيه فنقيسه بأدنى الذنوب المتوعد عليها ، فإن ساواه في المفسدة جعلناه بالكبائر ، وإن قصر عنه حكمنا بأنه صغيرة ، ابن عرفة : وفائدة الاجتناب يؤذن بأن التارك للمعصية يعطيه أو لعدم قدرته عليها ، إما لذاته أو لمانع من إكراه ونحوه أن ذلك لا يوجب تكفير الصغيرة لا اجتناب الكبائر خوفا من الله تعالى وامتثالا لنهيه لحديث : " إنما تركتها من أجلي" ولو لا ذلك لقال : إن تتركوا كبائر ، قال ابن عرفة : وعادتهم يعارضون الآية كما روي في الصحيح عنه صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : " من صلى صلاة أحسن وضوءها وركوعها وخشوعها فإنها تكفر صغائره ما اجتنبت الكبائر" ، ووجه المعارضة ، أن يقال : إذا كانت هذه الصلاة بهذه الصفة مكفرة للصغائر لم يبق ما يكفر باجتناب الكبائر ، قال : وكانوا يجيبون : بأن التكفير مقبول بالتشكيك ويضربون لذلك مثلا برجلين اجتمعوا على قتل رجل ورفعا إلى ولي الأمر الذي عفى عن أحدهما بأول وهلة ، وبقى مدة طويلة ثم عفى عن الآخر فقد حصل العفو عنهما معا ، لكن لا على التساوي في الزمان بل على التفاوت ولذلك هذا يكفر الصلاة الموصوفة بهذه الصفة