وقال الزمخشري : عزم ابن عرفة ، وتقدم النقد على مسلم في مقدمة كتابه ، وظننت حين سألني أن لو عزم الله لي عليه؟ قال المازري : هناك لا يظن أن لو عزم الله عليه لأراده الله تعالى منهم عزما ، فالحاصل أن نسبة العزم إلى الله تعالى لا تصح ، قال المازري : إنما أراد لو سهل لي سبيل العزم ؛ أو خلق لي قوة عليه.
قال عياض : قالت أم سلمة في كتاب الجنائز : ثم عزم الله لي فقتلتها ، وأصل العزم القوة ويكون بمعنى الصبر وتوطين النفس ؛ وحملها على الشيء والمعنى متقارب ، ومنه قوله تعالى : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [سورة الأحقاف : ٣٥].
قال ابن عرفة : والصواب عندي في قوله تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ). أن معناه زاد مواعد ذلك.
قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً).
قال ابن عرفة : عبر بالتقطيع دون التفريق ؛ لأن لفظ التقطيع أصرح وأشفع لاقتضائه تفريقا بعد كمال اتصال ، فإن قلت : لم قال : أمما ، وتقطيعهم آحاد مفترقين أنحى وأبلغ من تقطيعهم؟ فالجواب : أن هذا أبلغ في كمال الإعجاز ؛ لأن كونهم أمما يقتضي الطمع في وقوع القلب ، ولكنهم بعجزهم في هذه الحالة أبلغ وأدل على كمال العجز.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ).
قال ابن عطية : إما أن المراد ومنهم غير الصالحين أي : من الكفار ، وإما أن المراد ومنهم من اتصف بما دون الصلاح.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ). ابن عرفة : هذا على سبيل الاحتراس لما استغفروا وتابوا ؛ اقتضى ذلك عدم رجوعهم إلى العصيان ، ومن تاب عن المعصية يبعد رجوعه إليها كمن زنا بامرأة جميلة فإنه لا يسترجع زناه بعد ذلك بامرأة جميلة الصورة ، وكذلك من تاب عن سرقة دينار إذا وجدها بعد ذلك ، وهؤلاء لو قيل في حقهم ، ويقولون : سيغفر لنا قوله استغفارهم من ذلك الذنب ، وأنهم لم يرجعوا إلى مثل الذنب الذي استغفروا منه بل إلى ما هو أخف إلى النفس منه ، فقيل : لا يأتيهم من حيث لو آتاهم عرض مثله لأخذوه.
قوله تعالى : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ).
إما تقرير لأخذ الميثاق عليهم وإنكار لما ادعوه من عدم أخذ الميثاق عليهم.