قال ابن عرفة : السبيل يجوز عندي أن يكون حالا في (تَضِلُّوا) حالة كونهم في السبيل ، وهو سبيل الحق وهذا أشد أن (تَضِلُّوا) حالة كونهم مستقرين في طريق قويم ويصح أن يكون طرفا ، وقرىء تضلون بالتاء وبالياء فعلى قراءتها بالياء يكون تأسيسا ؛ لأنهم كفروا بضلالهم وبإرادتهم حالة غيرهم ، وعلى قراءة الباء فيكون تأكيدا بمعنى إرادتهم الدوام على ذلك.
قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا).
قال ابن عرفة : كلام أبي حيان في أن الفاعل ضمير عائد على مصدر (وَكَفى) الإكتفاء بالله وأنه ... (١) ، ثم قال ابن عرفة : هذا غير صحيح ؛ لأنا نقول : كفى القتال بالسيف والرمح وإن جعلته متعلقا بكفى يكون زيد مكتفيا وهو غير صحيح هنا ؛ لأنه يكون الله تعالى مكتفيا وليس كذلك ، قال أبو حيان : وهذا يحتاج إلى تأويل.
ابن عرفة : إن أراد كفى أنها تدخل على الفاعل بقول : كفى بالله ولا تدخل على المفعول بوجه.
قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ).
وفي العقود (مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) [سورة المائدة : ٤١] والفرق [٢٤ / ١١٩] أنا إذا فسرنا التحريف والتأويلات الباطلة فالمعنى هذا أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص ، وليس فيها بيان أنهم يحرفون تلك اللفظة من الكتاب ، ومعنى ما في العقود أنهم كانوا يذكرون التأويلات الفاسدة وكانوا يحرفون اللفظ من الكتاب ، فقوله :
(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) إشارة إلى التأويل الباطل ، و (مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) إشارة إلى إخراجه من الكتب ابن عرفة : فإن قلت : يؤخذ منه منع نقل الحديث بالمعنى ، فالجواب : أن هؤلاء إنما ذموا على قصدهم التخويف بدليل قوله تعالى : (عَنْ مَواضِعِهِ).
قوله تعالى : (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ).
باعتبار المعنى يا قوم باعتبار اللفظ.
قوله تعالى : (وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ).
قال ابن عرفة : يؤخذ منه منع الدعاء على الإنسان بسوء الخاتمة بخلاف قوله تعالى : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ
__________________
(١) بياض في المخطوطة.