تعالى ، فأنزلهم على حكمك ، فإنك لا تدري أصادق حكم الله أو لا ، وإن طلبوا ذمة الله فأنزلهم على ذمتك ، ولأن تحقر ذمتك خير من أن تحقر ذمة الله فتوقير عهد الله واجب ، وقد تحقق من المشركين النكث وتبرأ الله ورسوله منه فأحرى أن لا ينسب العهد المثبوت إلى الله تعالى.
الزمخشري : قال علي يوم النحر ، قال : أمرت بأربع :
أن لا يقرب هذا البيت بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده.
الطيبي : قوله : أمرت بأربع ؛ أي أن أنادي بأربع ، فإن قلت : ما فائدة النداء بقوله : ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنه ، قلت : الإعلام بأن المشرك لا يقبل منه بعد هذا غير الإيمان ، لقوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) إلى قوله (سَبِيلَهُمْ) وهو من باب لأرينك هاهنا ؛ يعني أمرت بأن يتصفوا بما يستعدوا به أن يكون أهلا إذ لا يقبل منهم سواه.
قوله تعالى : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ).
إما أن يكون في الكلام حذف أي فقيل لهم : سيحوا ، وهذا التفات خرج من الغيبة إلى الحضور [٣٧ / ١٨١] وجعل الفرد في هذه الأربعة الأشهر المذكورة مناهي الأشهر الحرم المعلومة وليس كذلك.
قوله تعالى : (وَأَذانٌ).
عبر بالآذان دون الإعلام لما في الآذان من الاستغفار برفع الصوت.
الزمخشري : ارتفاعه كارتفاع براءة ولا وجه ، لقول من قال : معطوف على براءه ، كما يقال : عمرو معطوف على زيد ، في قولك : زيد قائم وعمرو قاعد.
الطيبي : ولقائل أن يقول : لم لا يجوز أن يعطف على براءة على أن يكون من عطف الخبر على الخبر ؛ لكن الأحسن كونه من عطف الجمل لئلا تحلل من الحصر من جمل كثيرة أجنبية ، ويفوت التطابق بين المبتدأ والخبر تأنيثا وتذكيرا.
الزمخشري : فإن قلت : أي فرق بين معنى الجملة الأولى والثانية ، قلت : تلك إخبار ثبوت البراءة وهذه إخبار بوجوب الإعلام بما ثبت ، فإن قلت : لم علقت البراءة بالذين عاهدوا من المشركين وعلق الأذان بالناس؟ قلت : لأن البراءة مختصة بالمعاهدين والناكثين منهم ، وأما الأذان فعام بجميع الناس من عاهد ومن لم يعاهد ،