قال ابن عرفة : فيها سؤالان وهما لم قال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ) فأكده بأن ، ولم يؤكد هذا وقرن فعل (نُصْلِيهِمْ) بسوف وقرن فعل يدخلهم بالسين؟.
قال : والجواب عن الأول ؛ لأن الخطاب بالآيتين المجموع وإذا خوطب الجميع بشيء فإنما يراعى في الخطاب من تعلق به مدلوله منهم فهو أحق بالمراعاة دون غيره ، ولما كان الكافرون منكرين ذلك أكد خطابهم وكان المؤمنون غير مفكرين لما تعلق به منهم لم يؤكد خطابهم.
والجواب عن الثاني : أما إن قلنا : إن السين وسوف مساويان فلا سؤال وإن قلنا : إن سوف أبلغ في التنفيس ، فيجاب بحديث : " سبقت رحمتي غضبي (١) " ، فتأخير عذاب الكفار أكثر تراجعا من تأخير يعم المؤمنين ، ولذلك قال في الكفار : (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) [سورة الزمر : ٧١] بغير واو ؛ لأنهم يجدون جهنم مغلقة [٢٤ / ١٢٠] بالأبواب فيقفون على بابها ينتظرونها حتى تفتح لهم ، وقال في المؤمنين : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [سورة الزمر : ٧٣] لأنهم يجدونها مفتوحة الأبواب مهيئة لهم وعند وصولهم يدخلون.
قوله تعالى : (مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ).
يحتمل أن يكون ابن عرفة : ومن المناسب في الآية أنهم في قسم الكفار على العذاب بالشيء اللازم لهم وهو الظرف حتى أعني (جُلُودُهُمْ) فدل على تعذيب ما على ذلك وهو نفوسهم من باب أحرى ، وفي قسم المؤمنين كلي المحل العارض لهم غير الملازم وهو الجنة ، فدل على تنعيم نفوسهم الملازمة لهم من باب أحرى.
قوله تعالى : (لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً).
ولم يقل : لهم أزواج فيها ، فهل هو كقوله : مسموح لها منها عليها شواهد ، فإن قيل : إذا لم يكن في الجنة حر الشمس ، فلم وصف بالظل الظليل ، وأيضا يرى في الدنيا التي يدور الظل فيها ولا يصل إليها نور الشمس يكون هواؤها عليها فاسدا مؤذيا فما معنى وصفها بالظل الظليل؟ الجواب : أن بلاد العرب في غاية الحرارة والظل
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ٧٠٢٤ ، ومسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٤٩٤٤ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ٨٧٥٩ ، والحميدي في مسنده حديث رقم : ١٠٧٦ ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده حديث رقم : ٦٢٤٧ ، وعبد الرزاق الصنعاني في مصنفه حديث رقم : ٢٨١٤.