قال ابن عرفة : السمع والبصر صفتان متغايرتان لصفة العلم عندنا ، قيل له : الصحيح عندنا المخالفة لا التغاير ، فقال : التغاير لفظي لا معنوي.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) إن قلت : لم كرر الفعل ، فالجواب : لو لم يكرر لأوهم أنه إنما يجب عليه طاعته فيما أتى به عن الله فصار ما أتى به مجملا غير مبين أنه عن الله ، فلا يلزم طاعته فيه بدليل أن أول الأمر إنما تلزم [٢٤ / ١٢١] طاعتهم فيما يحكمون به مستندين للكتاب والسنة ، وأما إن خالفوا الكتاب والسنة فلا تلزم طاعتهم ، ابن عرفة : واختلفوا هل الطاعة موافقة الأمر أو امتثال الأمر ، وهل بينهما فرق أم لا؟ قيل له : الفرق بينهما فيمن يفعل العبادة بلا نية ، فإن قلنا : موافقة الأمر فهو مطيع وإلا فلا ، فقال : لما يوافق الأمر بوجه ؛ لأنه إتمام أمر بفعلها مع النية بدليل حديث : " إنما الأعمال بالنيات" وإنما الفرق بينهما في العاجز عن فعل الطاعة ، فإن فسرناها بامتثال الأمر فهو غير مطيع ، وإن فسرناها بالموافقة فهو مطيع لكونه لم يخالف الأمر بوجه فإن قلت : ما أفاد قوله : (مِنْكُمْ) ، قلنا : أفاد الأحرار ؛ لأن النفوس تكره أن يتآمر عليها من هو في قرابتها وقبيلها ومن هو في سنها بخلاف ما لو تآمر عليها من هو من غير قبيلها.
قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ).
عبر بإن دون إذا لكراهة الشيء والتنازع والخطاب بالتنازع لا يصح أن يكون للمأمورين ؛ لأنهم أمروا بطاعة الله ورسوله وأولي الأمر فلا يقع بينهم نزاع إذا أطاعوا أولي الأمر ، ولا يصح أن يكون للأمرين ؛ لأن الخليفة لا يتعدد وإنما يكون واحدا فقط إلا أنه يراد باعتبار ما وقع بينهم حسبما ذكروه في سبب نزول الآية وما جرى لعلي ومعاوية ، أو يريد النزاع بين الجميع ، إذا وقع النزاع بين المأمورين فإن كان أحدهما حاكما فيحكم ، وإن لم يكن بينهما حاكم فليرفعا ذلك إلى حاكم.
قوله تعالى : (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً).
قال ابن الخطيب : فيها حجة للمعتزلة القائلين : بأن العبد يخلق أفعاله ويستقل بها ، ابن عرفة : وما يطمع إلا فيمن هو قريب من المعصية ، وأما من هو مستبعد عصيانه فلا يتشوف إليه ولا يوسوسه كما لا يتشوف أحد لأن يصنع كرسيا من زجاج.
قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ).
ابن عرفة : الفاء للتسبيب ، قال : وتقرير السببية عندي أن المنافقين طلب منهم الإيمان بالله ورسوله فيأتون إليه أعزة فلما كفروا سجل عليهم بأنهم ستنزل بهم بسبب