ذلك المصائب فيأتون إليه أذلة يحلفون ويعتذرون ، وظاهر سبب الآية أن مجيئهم للحلف بعد المعصية فهو معطوف على إصابتهم ، ابن عرفة : ويحتمل أن يكون قبلها ويكون معطوفا على قوله : (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) فتكون المصيبة بألمهم بسبب فعلهم السيئات المعبر عنها (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) وسبب كذبهم في قولهم : (إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً).
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ).
أفاد كمال الوعيد وأنهم مجازون على ذلك فيجازون على جميع ما في قلوبهم من الاعتقاد المناقض ومن عدم الاعتقاد.
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ).
قال ابن عرفة : الصواب أن معناه بأمر الله ويمتنع أن يفسر الإذن بالإرادة ؛ لأنه يلزم عليه ، أما الحلف في الخبر أو مذهب المعتزلة ، لأن مذهبهم أن السيئ غير مراد الله وإنه ما أراد إلا الطاعة ، وأجيب : بأنه ليس المراد الطاعة بل معنى الآية ليطاع بإرادة فمن أراد طاعته أطاع الرسول ، ومن أراد معصيته عصاه.
قوله تعالى : (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ).
فائدته أن في استغفار الله مع معصيتهم الرسول لا ينفع.
قوله تعالى : (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً).
فائدة العطف بثم أن الإنسان حالة الحكم لا بد أن يجد في نفسه حرجا ما لكنه معفو عنه ، وإنما الشدائد التمادي على ذلك ، وأيضا فإن الحرج الجبلي معفو عنه ، والمعتبر الحرج الذي يظهر أثره ؛ لأن النفس تخرج من نفس الحكم تارة ، وتخرج تارة من حكم فلان عليه مخرجه من نفس الحكم معفو عنه ، وخرجه لأجل حكم النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم منهيا عنه ؛ لأنه في مظنة التمادي عليه فلذلك عطفه بثم.
قوله تعالى : (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
كان ابن عبد السّلام يقول في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [سورة الأحزاب : ٥٦] أنه يكفي أن يقول الإنسان : صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ؛ لأنه المقصود الإخبار للغير حقيقة فهو إنشاء لا إخبار فكان غيره يقول : لا بد أن يزيد تسليما كما في الآية.