ابن عرفة : كان بعضهم يقول : معناه فإن كنت في شك من كيفية مما أنزلنا إليك من اختلافهم ؛ لأنه أنزل إليه الآية التي قبلها ، وهي (فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ) أي فإن وقع عندك شك في كيفية اختلاف الأمم السالفة ، فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك يخبروك بكيفية اختلافهم ، ابن عرفة : ويؤخذ من الآية أحد أمرين : إما أن خبر التوراة يفيد العلم ، ولنا جواز العمل بخبر الواحد ؛ لأن المسؤلين إما بالغون عدد التواتر أولا.
قوله تعالى : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ).
ابن عرفة : الافتراء أخص من الشك ؛ لأن الشك هو التردد في أمر دليل قابل للظهور والخفاء ، والافتراء هو التردد في أمر دليله ظاهر قوي لا يخفى على أحد ، ويؤيد ذلك قوله (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ).
قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ).
إما أن يراد فهل يقصدون في الانتظار بكم إلا مثل ما حل بالأمم السالفة ، أو يراد فهل حالهم في الانتظار لما يحل بهم إلا حال الأمم السالفة فهذا انتظار عن غير قصد.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ).
ابن عرفة : عادتهم يقولون : لم عبر في الأول بالمس وفي الثاني بالإرادة؟ فعادتهم يجيبون بأن المس أبلغ من إرادة المس ، فقصد في الأول تعليق الشرط بأقوى الأمور ؛ لأنه لا يفتقر إلى الشفيع والمكاشف إلا ضد عظائم الأمور ، وسرائرها وأما الخبر فقصد فيه التنبيه على أنه إذا وقع بك قليله فلا راد لفضله واسع كثير يأتي بأكثر منه ولا رد.
قوله تعالى : (فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ).
يؤخذ منها منع الوصية بالحج مع أن مالكا أجازها ومنع الاستئجار على الحج في الحياة.
قوله تعالى : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ).
يؤخذ منه أنه ليس بمجتهد ، قلت : وتقدم لابن عرفة فيها في الختمة الأخرى بما نصه قوله (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَ) أي يظهره ، قوله (بِكَلِماتِهِ) يحتمل معنيين : إما بوعده بالنصر عليهم فيظهرهم الآن ، وإما بقوله (كُنْ فَيَكُونُ) قوله (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما