أي لو شاء أن يجعلهم لجعلهم ، فالأول راجع للإرادة والثاني لإظهار متعلقها ، ولما تقدمها (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ) وهو تخطيط لا يقال : غالب إلا على .... (١) التفجع على المقول له ، عقبه بهذا إشارة إلى أن الفعل الخير والشر فلو لا أردنا ذلك منهم لوقع.
قوله تعالى : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ).
قال ابن عرفة : لا يقال إنها دالة على عدم وقوع الإجماع لأنا نقول : الاختلاف الذي اقتضت أنه لا يزال هو في الاعتقاد فمع بعض الأنبياء الشخص الواحد فقط ، والإجماع هو اتفاق بعض العصر على الحكم به.
قوله (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) يدل على وقوع الإجماع ؛ لأن المستثنى هم المتقون على كلمة التوحيد.
قوله تعالى : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ).
قال ابن عطية : اللام للصيرورة أي خلقهم ليصير أمرهم إلى ذلك وإن لم يقصد بهم الاختلاف ، ابن عرفة : هذا اعتزال ؛ ولهذا كان ابن عبد السّلام يحذر منه ويقول إنه يضعفه في أصول الدين ، فنقل أمورا عن الرماني وهو معتزلي فيعتزل من حيث لا يشعر ، والحق أن الله تعالى أراد الخير والشر.
قوله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ).
ابن عرفة : يرد هنا على ابن التلمساني في تعقبة قول الفخر باللفظ ، إما أن يعتبر بالنسبة إلى تمام مسماه وهو المطابقة بأن التمام يشعر بالتركيب لاستحالة التركيب في كلمة الله ، فما معناه إلا الفراغ والاقتضاء ، لحديث : " هو العلم وفرع ديننا فيما كان وفيما يكون".
قوله تعالى : (نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).
أي قلبك ، واختلفوا في العقل هل محله الدماغ أو محله القلب؟ قلت : قال ابن رشد في المقدمات في آخر كتاب الجراحات : ذهب مالك إلى أن محله القلب وهو مذهب المتكلمين من أهل السنة ، وذهب ابن الماجشون إلى أن محله الرأس وهو مذهب أبي حنيفة وأهل الاعتزال.
__________________
(١) طمس في المخطوطة.