الرحم من غير ذي المحرم قسمان : فمن يعتق على الإنسان أشد حرمة ممن لا يعتق عليه ، وأما غير المحرم فهو كالأجنبي.
قيل لابن عرفة : والرحم المحرم ينبغي أن يكون من جهة الأم ؛ لأن الرحم إنما هو بالأم ، فالعم للأب فليس من ذوي الأرحام إذا لا يجمع بينهما الأم ، وإنما يجمعان في الأب.
قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ).
ابن عرفة : منهم من يجعله من إقامة السبب مقام المسبب ، أي : واحفظوا أموال اليتامى عليهم لتعطوها لهم إذا كبروا ، فحفظها عليهم في حال الصغر سبب في إعطائها لهم إذا رشدوا فوقع الإيتاء ، وهو المسبب موقع سببه وهو الحفظ ، ابن عرفة : وتقدم لنا أن هذه الإضافة إضافة استحقاق ، لا إضافة ملك ، ومعناه إلى أن يستحقوها إما بالاحتياج إلى الإنفاق ، وإما بالرشد ، ولو كانت إضافة ملك للزم تخصيصها بالرشاد ، ويكون (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) إذا رشدوا لا مطلقا.
قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا).
علقها بأن دون إذا مع أن هذا كان عندهم واقعا محققا ، فأجاب ابن عرفة بأنه إذا ثبت الجواب مع الخوف المشكوك في وقوعه فأحرى أن يثبت مع المحقق أبو عبيد : (خِفْتُمْ) بمعنى أيقنتم ، ابن عطية : لا يكون بمعنى اليقين بوجه ، وإنما هو من أفعال التوقع ؛ لأنه قد يميل فيه الظن إلى أحد الجهتين ، ابن عرفة : الخوف يكون من أمر متيقن ومن أمر مظنون ، ومن أمر مشكوك فيه فالناس مختلفون إذا رأى حائطا مائلا جلس بإزائه ، ولا يخاف ولما يخاف يهرب مسرعا ، وأخر يمر من بعيد ، وآخر يهرب من ذلك الطريق ، واحتج أهل الظاهر بهذه الآية فبعضهم أخذ منها نكاح تسع زوجات ، وبعضهم أخذ ثمانية عشر ؛ لأن معناها اثنين اثنين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة فعدد المكرر ، وبعضهم عد الأربعة مرتين فجوز نكاح ثمانية والإجماع على خلاف ذلك ، ومثل هذا لا يعد خلافا.
قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).
ابن عرفة : احتجوا بها على عدم وجوب النكاح ؛ لأنه خير بينه وبين التسري أي فانكحوا واحدة ، أو تسروا ما ملكت أيمانكم والتسري غير واجب فيكون النكاح غير واجب ، وأجيب بأن سياق الآية في النكاح فإن المعنى فانكحوا واحدة ، أو انكحوا ما ملكت أيمانكم فيكون مجيزا بين نكاح الحرة ، وبين نكاح الأمة ، وهو أخف من نكاح