قال الزمخشري فإن قلت : كيف يجمع بين قوله تعالى : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة الحجر : ٩١ ، ٩٢] ، وبين قوله تعالى : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) [سورة الرحمن : ٣٩] ، ابن عرفة : وأجيب عن الأول إما بأنها مواطن نفي موطن كانت ثعبانا وهو في آخر الأمر ، ومرة كالجان وذلك في أول الأمر والمثابة موطن واحد فشبهها بالثعبان في عظم جرمها وبالجان في سرعة حركتها ، وعن الثاني : إما بأنها آية مواطن ، وإما بأن المراد لتسألهم سؤال تقريع.
قوله تعالى : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ).
قال ابن عرفة : الآية دالة على جواز تكليف ما لا يطاق خلافا للمعتزلة إذ لو لم يكن جائزا عقلا لما احتج إلى قوله تعالى : (لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) لأن التكليف بفعل الغير مما لا يطاق ؛ لأن الإنسان إنما يطيق فعل نفسه أما فعل غيره فلا يطيقه فلا يحتاج إلى نفي التكليف به شرعا لأنه منفي عقلا.
قوله تعالى : (وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً).
هذه أفعل من يقتضي المشاركة بالفعل ، فإما أن أريد الشدة المعلومة في أصول الدين فالشركة منتفية ، وإن أريد الإشراك العادي المشاهد لنا فالشركة حاصلة تامة وتقدم البؤس من تقديم السبب على المسبب ؛ لأنه إذا حصل البأس حصل النكال.
قوله تعالى : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) قال أبو حيان : حملها أبو حنيفة على الهدية وهو أن الإنسان إما أن يرد الهدية بعينها ، أو يرد ما هو أحسن منها ، وإما رده مثلها سواء فإنه لم يردها بعينها ، قال ابن العربي : وحكى القاضي عبد الوهاب أنه إذا علته جماعة فإن كان فيهم من يعرفه وجب عليه الرد لئلا يقع في نفوسهم منه عداوة ، وإن لم يكن فيهم من يعرف فالرد سنة على الكفاية.
قيل لابن عرفة : وحكى أيضا القاضي عبد الوهاب في التلقين وفي المعونة عن المذهب ، أنه إذا قال البادىء سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أن المراد أن يختصر ، ويقول : وعليك ، وأنكره ابن عرفة وقال : ظاهر كلام ابن رشد ، والباجي ، وغيرهما أن يرد عليه مثل ما قال سواء من غير اختصار.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً).
دليل على أن الأمر للوجوب.
قوله تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ).