قال أبو حيان : هذا نهي فرده في المختصر وقال : بل هو خبر حقيقة ، وقال ابن عرفة : إن كان حكما فهو خبر في معنى النفي جاز على مذهب أهل السنة ، وإن كان خبر حقيقة فهو مذهب المعتزلة ؛ لأن المعتزلة يقولون : إن قاتل العمد كافر.
قال الزمخشري : ويجوز أن يكون خطأ مفعولا من أجله أي ما ينبغي له أن يقتله لعلة من العلل ألا يلحقاه ، وسكت عنه أبو حيان ، وتعقبه ابن عرفة بأن ثبوته يؤدي إلى نفيه ؛ لأن المفعول من أجله يستدعي القصد إليه ، والقصد يصيره عمدا ، قال ابن عرفة : ويؤخذ من الآية أنه إما أشكل علينا هل القتل خطأ أو عمدا يحمل على أنه عمد ؛ لأنه إما يستثني الأقل من الأكثر ، فدل على أن العمد أكثر ، وقال مالك رحمهالله : إذا قال ولي الدم قتله عمدا ، وقال القاتل بل خطأ ، فالقول قول ولي الدم ، وقال ابن رشد في الأسئلة : فيمن ضرب زوجته أو مثل بعبده أو أمته واختلفا فزعمت الزوجة ، والأمة أنه عمد وزعم الزوج والسيد أنه خطأ أن فيه قولين ، والصحيح أن القول قول الزوجة ، فيطلق عليه والقول قول العبد والأمة فيعتقان عليه ، وقال ابن الحاجب في كتاب الديات : إنه محمول على الخطأ.
قوله تعالى : (مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً).
التفسير بالماضي مناسب للسبب في نزول الآية فلذلك ينبغي أن يكون من موصوله بمعنى الذي.
قيل لابن عرفة : وظاهر الآية أن الجهل بالصفة يستلزم الجهل بالموصوف في علمه قالوا : إن المعتزلة يلزمهم الكفر بنفيهم الصفة وبه فسروا هنا الخطأ ؛ لأنه بأحد وجهين : إما بأن ضرب [٢٥ / ١٢٣] طائرا فيصادف رجلا أو يقصد كافرا ، فيصادف مسلما لم يقصده أو يقصد رجلا بعينة يظنه كافرا فإذا هو مسلم ، وقاله مالك في كتاب الغصب : فيمن غصب عبدا فادعى هلاكه فغرم قيمته ثم وجد العبد على غير تلك الصفة ، فإن علم منه أنه جحده رد له ، وإلا غرم ما زادت صفته في قيمته على ما كان وقع له.
قوله تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ).
مطلق يعم العمياء والسليمة لكن تقيد بقوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) [سورة البقرة : ٢٦٧] إما بالنص أو بالقياس ، فإن قلت : كيف صح التكفير بهذا ، فأجاب الزمخشري : أنه لما أعدم نفسا مؤمنة وجب عليه أقرب وجوه الإمثال لتعويضها وما هو إلا أن نريد في الأحرار نفسا مؤمنة ، وأجاب ابن العربي : بأن هذا ردع لهم لئلا يقع في ذنب أعظم منه فجعلت هذه الكفارة زاجرة له وقامعة عن التمادي