ولم يقل : فلا يتولوهم ؛ لأن النهي إنما هو عن الركون إليهم والطمأنينة لا عن أوائل الأمر ، قال ابن عربي : وفي الآية دليل لمن يقول إن الزنديق لا تقبل توبته فرده ابن عرفة : بوجهين :
الأول : قوله تعالى : (حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) وما نص في توبتهم.
الثاني : أن الآية في المرتدين ؛ لأن هؤلاء مرتدون ، وأجيب عن الأول بأن هجرة هؤلاء كانت قبل القدرة عليهم فصاروا كالزنديق إذا تاب قبل أن يقدروا عليه فإنه تقبل توبته.
قوله تعالى : (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ).
أبو حيان : السين للاستمرار ابن ... (١) يريد أن هذا واقع منهم فيما مضى ، وذموا عليه فهي لتحقيق الوقوع كما في قوله تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) [سورة البقرة : ١٤٢] قال : والصواب أن يجعلها على أصلها الحقيقي مستقبلة ؛ لأن الوجدان لم يقع ، وإنما الواقع كذبهم بهذه الصفة لا العلم بكونهم على هذه الصفة فوجدانهم مستقبل عن آخرين فليس هم الأولون بوجه.
قوله تعالى : (وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ).
إن قلت : لا فائدة فيه ؛ لأن القائم بالسلم يستلزمه فهو أخص منه وثبوت الأخص يستلزم ثبوت الأعم ، قلت : إنما هو منفي ، ونفي الأخص أعم من نفي الأعم فما يلزم من نفي إلقاء السلم نفي الكف.
قوله تعالى : (حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ).
قال ابن عرفة : عام مخصوص بمكة لقوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم : " وإنما أحلت لي ساعة من نهار ولم تحل لأحد قبلي".
قوله تعالى : (سُلْطاناً مُبِيناً).
إما حجة ، وإما قوة وقوله : (مُبِيناً) أي بين في نفسه ، أو مبين لغيره ، وكذلك الدليل بين الدعوى.
قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً).
__________________
(١) بياض في المخطوطة.