والله متولي السرائر" ، وحديث : " إذا أخطأ المجتهد فله أجر واحد وإن أصاب فله أجران".
قيل لابن عرفة : إن ابن المسيب حمله على الضلال في الظاهر ، قال : لأن العصمة تأباه على سبيل الفرض مثل : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [سورة الزمر : ٦٥] ، فقال ابن عرفة : الصواب تفسيره بما كان يكثر وقوعه منه ؛ لأنه مستحيل عليه تعمد الإضلال ، ابن عرفة : ووقع الامتنان عنا بنفس النعمة وبالتذكير بها اختصاصا له بذلك وتشريفا له.
قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ).
الكتاب : القرآن ، والحكمة : فهمه والسنة.
قوله تعالى : (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ [٢٥ / ١٢٦] تَكُنْ تَعْلَمُ).
هذا من أدل دليل على أفضلية العلم وبها احتج الغزالي رحمهالله على فضل العلم ، وقال في سورة العلق : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) [سورة العلق : ٥] فهذه أبلغ ؛ لاقتضائها نفي الشيء ونفي الغالبية له ، فقولك : لم يكن زيد يعلم كذا أبلغ من قول : لم يعلم زيد كذا ، فأفاد هذا النهي اختصاصا بذلك ، وأن علمه شيئا ليس من عادة البشر علمه.
قوله تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ).
ابن عرفة : انظر هل الخير عند الشر وهو ما فيه مصلحة فيتناول المباح ، أو هو ما لم يتضمن فيتناول المباح والظاهر الأول والقضية إن كانت في طعمه فليس فيها حصر والكثير ، إما أن يكون أريد بها المجموع عكس ما أريد بالقليل في قوله : مررت بأرض قل ما تنبت البقل ، أو ليس في (نَجْواهُمْ) خيرا لوجد ، وإما أن يكون على بابه فلا ينحصر قضية طعمه بل يعمها وغيرها وخص الصدقة بالذكر حديث : " والصدقة برهان (١) " وخص الإصلاح لرجوعه إلى درء المفاسد ؛ لأنه من باب تغيير المنكر فهو
__________________
(١) أخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٣٣٠ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم : ٥٦٨٣ ، وأبو نعيم الأصبهاني في المسند المستخرج على صحيح مسلم حديث رقم : ٤٢٦ ، والترمذي في جامعه حديث رقم : ٣٤٦٤ ، والبيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ١٦٦ ، والبيهقي في معرفة السنن والآثار حديث رقم : ١٥٩ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ٢٢٣١١ ، والطبراني في مسنده حديث رقم : ١٠٩٢.