قوله تعالى : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) إلى قوله (تَوَلَّى).
احتج بها الشافعي على أن الإجماع حجة ودليل قاطع ؛ لأنه قرن اتباع غير سبيل المؤمنين ميثاقه الرسول وهي حرام فدل أن اتباع (غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) حرام ، أو لا يصح أن يقال : من زنا وأكل الحلوى فاجلدوه ، قال ابن الحاجب : وأجيب بأن الآية تحتمل متابعته ، أو مناصرته والاقتداء به ، والإيمان نصير دون الإنسان التمسك بالظاهر إنما يثبت بالإجماع بخلاف التمسك به في القياس ، وقرره الأصبهاني بأن الآية ليست دليلا قاطعا في وجوبه متابعة الإجماع ؛ لأن اتباع سبيل المؤمنين عام يتناول اتباعهم في متابعة الرسول واتباعها واتباعهم في نصرته والذب عنهم ، واتباعهم في فرقة والذب عنه ، واتباعهم بالاقتداء به واتباعهم في الإيمان به ودلالة العام على فرد من أفراده في المعنيين ليس بقطعي لجواز تخصيصه وإخراج ذلك الفردية ، وإذا لم يكن قطعيا وتمسك به في كون الإجماع حجة لزم الدور ؛ لأن التمسك بالظاهر إنما يثبت بالإجماع ، وأجاب الأصبهاني بأن الدور إنما يلزم أن لو لم يكن غير الإجماع دليلا على أن الظاهر حجة لجواز نص قاطع أو استدلال قطعي على ذلك كقولنا : الظاهر مظنون ، وكل مظنون يجب العمل به مطلقا ؛ لأنه لو لم يعمل بواحد من النقيضين لزم دفعهما ، فإن عمل بما لزم اجتماعهما ، وإن عمل بالمرجوح لزم خلفه صريح العقل فبينهن الظن بالمدلول ، وأورد الفخر في المعالم : على اجتماع الشافعي إيرادات منها القول بالموجب وهو دلالتها على تحريم اتباع المكلف غير سبيلهم ، إما عند مشاقة الرسول لا مطلقا ، وإما بعد تبين الهداية فالوقوف على مسند إجماعهم ، وإما اتباعه سبيلهم في الإيمان في فروعه ، وإما مخالفة كل سبيله لا بعضهم ، وإما أن يراد سبيل المؤمنين إلى قيام الساعة فلا ينتج الإجماع في مسألة أبدا إذ لا يعلم ما يقول فيها من يأتي بعد ما قال سلمان : الآية عامة لكنها مخصوصة بصلاح أجمعوا عليه إذ لا يجب اتباعهم فيه ، وأيضا سبيلهم طريقهم الفعلية محملة على القولية مجازا ، وأيضا فلا يلزم من تحريم اتباع غير سبيل المؤمنين وجوب اتباع سبيلهم ، أو فيهما واسطة وهو عدم اتباعهم ، وإن سلمناه فمفهوم مخالفة من أضعف الدلالات وأيضا فلو دلت على وجوب اتباع سبيلهم عموما لدلت على اتباعهم في مسند علمهم لا في نفس حكمهم ، وأيضا فالمؤمنون عام يدخل فيهم الموجودون حين نزول الآية وإنفاقهم في زمن الرسول فليس بحجة وبعد موته لم يبق إلا بعض المؤمنين سلمنا ، ولكن عادتهم اعتقاد قلبي يعم بعلمه ، وأجاب ابن التلمساني عن هذه السؤالات بأجوبة طويلة انظرها في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) قال ابن عطية : إنها صفات كافر مات على كفره فهو مخلد في النار بإجماع ، ومؤمن حسن لم