ابن عرفة : المرائي يظهر التجلد والاجتهاد في العبادة ، فكيف يفهم أنه مراء وهو كسلان ، ثم أجاب : بأنهم في ابتداء الصلاة كسالى ، فإذا شرعوا فيها الاجتهاد والنشاط ، قال ابن العربي : ومن صلى ليراه الناس فيقدمونه شاهدا فصلاته صحيحة.
ابن عرفة : فعل العبادة لله مستتبعا للرياء فهي صحيحة ، وإن فعلها لمجرد الرياء فقط فهي باطلة.
قوله تعالى : (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ).
أي لا مع المؤمنين ولا مع المنافقين بأن المراد لا هم مع المؤمنين في الحقيقة ولا هم مع الكافرين في ظاهر الأمر ، قال : والإشارة الأولى إما للمؤمنين ، وإما للكافرين ، والثانية كذلك ، وتقدم لنا في الميعاد ترجيح كون الأولى للكافرين والثانية للمؤمنين ليكون ختم عليهم بمنتهى الإيمان ، ولو كانت الأولى للكافرين لكانوا ممن ختم عليهم بعدم الكفر فيحتمل أن يكونوا آمنوا في آخر أمرهم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).
الخطاب للمؤمنين وهو من يعمل مطلق الإيمان ، والكافرين أولياء إما مع المؤمنين أو دونهم فوقع النهي عن الثاني [٢٦ / ١٢٨] دون الأول ؛ لأنه أشد فرتب عليهم الوعيد الأشد ، أو يجاب بأن الجزء الذي اتخذوهم فيه أولياء يشاركون فيه المؤمنين ، فكانوا اختصوهم به واتخذوهم فيه دونهم كما تقدم في قوله تعالى : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) [سورة البقرة : ٦١] مع أنهم لم يطلبوا الاستبدال بل يطلبون ذلك مع غيره ، فتقدم الجواب بأنه عند الاستعمال ينقصون من أكلهم من الأول فكأنهم استبدلوا ذلك الجزء الذي نقصوه.
قوله تعالى : (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً).
قال أبو حيان : السلطان هو الحجة ، ويحتمل التذكير فالمعنى البرهان والثبات وهو مذكر ، وإما لأن الحجة هي الدليل المستعمل الواقع في الوجود الخارجي ، والبرهان هو الدليل الأعم من كونه استعمل أو لم يستعمل به بل الاستعمال والتذكير فيه أولا ؛ لأن لازم الأعم لازم الأخص.
قال ابن عرفة : وفي الآية اللف والنشر بقوله (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً) راجع لقوله (لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) ، وقوله (مُبِيناً) [سورة النساء : ١٧٤] راجع لقوله (مِنْ دُونِ اللهِ) [سورة النساء : ١٧٣] فمن اتخذتم أولياء