قيل لابن عرفة : قال هنا (سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) فعبر بسوف وهي أبلغ في التنفيس من السين ، وقال حد هذا (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ) [سورة النساء : ١٦٢] ، ثم قال (أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً) [سورة النساء : ١٦٢] فعبر بالسين ، فأجيب بأن هذه فيمن حصل مطلق الإيمان بالله ورسوله أعم من أن يكون أطاع في الفروع أو عصى فناسب الإتيان بسوف المقتضي لكمال تراخي جورهم ، وهذا إشارة لمذهب أهل السنة القائلين بوجود إنفاذ الوعيد في طائفة من عصاة من المؤمنين وأنهم يعذبون قبل ذلك ، والآية الأخرى فيمن حصل الإيمان وفروعه فناسب أنها خبر لما يقول على قرب الثواب الذي ينالهم في المستقبل.
قوله تعالى : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ).
قال الزمخشري : روي أن كعب بن الأشرف وفنحاص بن عارم ، قالوا : يا رسول الله إن كنت صادقا فأتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى به موسى فنزلت الآية ، وقرأ ابن عامر وابن كثير تنزل بالسكون ، والباقون (تُنَزِّلَ).
قال ابن عرفة : وقراءة التخفيف لا تناسب السبب على ما تقدم للزمخشري في أنزل وينزل.
ابن عرفة : وتضمنت الآية أمرين :
أحدهما : الإخبار بنعت اليهود.
والثاني : كمال التسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم بقصة موسى معهم.
قال ابن عطية : ولقد حدثني أبي عن أبي عبد الله محمد النحوي أنه كان يقول مسألة العلم بالله ... (١) المعتزلة.
قال ابن عرفة : هذه خطابة وحاصله أن العلم بالله سبب في التشبيه ، فكما أن علم الله حاصل مع اعتقاد نفي التشبيه والمماثل فكذلك الرؤية لا يلزم منها التشبيه ، وحاصله أنه دليل لا يستقل نفسه بل باستحضار قواعد دقيقة وهو أن الرؤية لا تستدعي الجهة والمكان خلافا للمعتزلة.
قال ابن عرفة : وقوله (فَقالُوا) ليس بمعطوف على (سَأَلُوا ؛) لأنه بيان له والأصل في الجملة المبنية أن يؤتى بها غير معطوفة فهو معطوف على فعل مقدر تقديره أخبروا ، فقالوا : أرنا الله جهرة.
__________________
(١) بياض في المخطوطة.