وأصحابه ، ثم نزل فى أوس وخزرج لخصومة كانت بينهم فى الإسلام افتخر فيهم ثعلبة ابن غنم ، وسعد بن أبى زرارة بالقتل والغارة فى الجاهلية ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) أطيعوا الله (حَقَّ تُقاتِهِ) وحق تقاته أن يطاع فلا يعصى ، وأن يشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى ، ويقال : أطيعوا الله كما ينبغى (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)) مقرون له بالعبادة والتوحيد مخلصون بهما (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) تمسكوا بدين الله وكتابه (جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) فى الدين (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ) منة الله (عَلَيْكُمْ) بالإسلام (إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً) فى الجاهلية (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) بالإسلام (فَأَصْبَحْتُمْ) فصرتم (بِنِعْمَتِهِ) بدين الإسلام (إِخْواناً) فى الدين (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) على طرف هوة من النار ، يعنى الشط وهو الكفر (فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) فأنجاكم منها بالإيمان (كَذلِكَ) هكذا (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) أمره ونهيه ومنته (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)) لكى تهتدوا من الضلالة.
ثم أمر بالمعروف والصلح ، فقال : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ) لا تزال منكم (أُمَّةٌ) جماعة (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) إلى الصلاح والإحسان (وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بالتوحيد واتباع محمد (صلىاللهعليهوسلم) (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) عن الكفر والشرك وترك اتباع الرسول (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)) الناجون من السخطة والعذاب (١) (وَلا تَكُونُوا) متفرقين فى الدين (كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا) فى الدين ، أى كتفرق اليهود والنصارى فى الدين (مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) بيان ما فى كتابهم من الإسلام (وَأُولئِكَ لَهُمْ) يعنى اليهود والنصارى (عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)) أعظم ما يكون (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ) فى يوم تبيض وجوه قوم (وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) فى يوم تسود وجوه قوم (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ) تقول لهم الزبانية (أَكَفَرْتُمْ) بالله (بَعْدَ إِيمانِكُمْ) بالله (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦)) بالله (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ) فى جنة الله (هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٠٧)) لا يموتون ولا يخرجون.
(تِلْكَ آياتُ اللهِ) هذه آيات الله القرآن (نَتْلُوها عَلَيْكَ) ننزل جبريل بها عليك (بِالْحَقِ) لبيان الحق والباطل (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (١٠٨)) أن يكون منه ظلما على العالمين على الجن والإنس (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) من الخلق والعجائب (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩)) فى الآخرة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) أنتم خير
__________________
(١) انظر : زاد المسير (١ / ٤٣٤) ، ومعانى الزجاج (١ / ٤٦٢) ، وتفسير القرطبى (٤ / ١٦٥).