محمد (الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا) بما غيروا صفة محمد ونعته فى الكتاب (١)(وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا) يحبون أن يقال فيهم الخير ، ولا خير فيهم ، أن يقولوا هم على دين إبراهيم ويحسنون إلى الفقراء (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) يا محمد (بِمَفازَةٍ) بمباعدة (مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨٨)) وجيع (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خزائن السموات بالمطر ، والأرض بالنبات (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من أهل السموات والأرض وخزائنهما (قَدِيرٌ (١٨٩)).
ثم بين علامة قدرته لكفار مكة لقولهم : ائتنا بآية يا محمد على ما تقول ، فقال : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ) إن فيما خلق فى السموات من الملائكة والشمس والقمر والنجوم والسحاب (وَالْأَرْضِ) وفى خلق الأرض ، وما فى الأرض من الجبال والبحور والشجر والدواب (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) وفى تقلب الليل والنهار (لَآياتٍ) لعلامات لوحدانيته (لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠)) لذوى العقول من الناس.
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٩١) رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (١٩٢) رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣) رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (١٩٤) فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (١٩٥) لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ
__________________
(١) قال سعيد بن جبير : هم اليهود ، قالوا : نحن على دين إبراهيم ، وكتموا ذكر محمد (صلىاللهعليهوسلم) ، فنزلت هذه الآية. قلت : وهكذا اليهود دائما ، نصر الله جنده ، وحرر بيت المقدس ، وحمى العراق ، وسائر بلاد المسلمين من اليهود ومن أعوانهم. انظر : زاد المسير (١ / ٥٢٣) ، والنكت (١ / ٣٥٥) ، وتفسير القرطبى (٤ / ٣٠٦) ، وأسباب النزول للواحدى (٨١) ، البحر المحيط (٣ / ١٤٨).