(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) يقول : كونوا قوامين بالعدل فى الشهادة (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) فى الرحم (إِنْ يَكُنْ) الوالدان (غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) أحق بحفظهما (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا) أن تعدلوا فى الشهادة (وَإِنْ تَلْوُوا) تلجلجوا (١)(أَوْ تُعْرِضُوا) لا تقيموا الشهادة عند الحكام (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ) من كتمان الشهادة وإقامتها (خَبِيراً (١٣٥)) نزلت فى مقيس بن ضبابة كانت عنده شهادة على أبيه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) يوم الميثاق وكفروا بعد ذلك (آمَنُوا) اليوم (بِاللهِ وَرَسُولِهِ) ويقال : سماهم بأسماء آبائهم ، يعنى يا أبناء الذين آمنوا. نزلت هذه الآية فى عبد الله بن سلام ، وأسد ، وأسيد ابنى كعب ، وثعلبة بن قيس ، وسلام ابن أخت عبد الله بن سلام ، وسلمة ابن أخيه ، ويامين بن يامين ، فهؤلاء مؤمنو أهل التوراة نزل فيهما (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بموسى والتوراة (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) بمحمد (وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ) محمد يعنى القرآن (وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) من قبل محمد والقرآن على سائر الأنبياء (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ) أو بملائكته (وَكُتُبِهِ) أو بكتبه (وَرُسُلِهِ) أو برسله (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أو بالبعث بعد الموت (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١٣٦)) فلما نزلت هذه الآية دخلوا فى الإسلام.
ثم نزل فى الذين لم يؤمنوا بمحمد والقرآن مثل كعب وأصحابه ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بموسى ، (ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا) بعزير (ثُمَّ كَفَرُوا) بعد عزير بالمسيح (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) ثم استقاموا على الكفر بمحمد والقرآن (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) ما قاموا على ذلك (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧)) دينا وصوابا ، وطريق هدى ، ثم نزل فى المنافقين قوله : (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ) عبد الله بن أبى وأصحابه ، ومن يكون إلى يوم القيامة مثلهم (بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨)) وجيعا يخلص وجعه إلى قلوبهم ، ثم بين صفتهم ، فقال : (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ) يعنى اليهود (أَوْلِياءَ) فى العون والنصرة (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) المخلصين (أَيَبْتَغُونَ) أيطلبون (عِنْدَهُمُ) عند أحبار اليهود (الْعِزَّةَ) القدرة والمنعة (فَإِنَّ الْعِزَّةَ) المنعة والقدرة (لِلَّهِ جَمِيعاً (١٣٩) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) أمركم فى القرآن إذ أنتم بمكة (أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ) ذكر
__________________
(١) انظر : زاد المسير (٢ / ٢٢٣) ، البحر المحيط (٣ / ٣٧) ، وزاد المسير (٢ / ٢٢٣) ، والسبعة لابن مجاهد (٢٣٩) ، وتفسير القرطبى (٥ / ٤١٣).