ماتت اشترك فى أكلها الرجال والنساء.
وأما السائبة فكان الرجل يسيب من ماله ما يشاء من الحيوان وغيره ، فيجئ به إلى السدنة والسدنة خدام آلهتهم فيدفعه إليهم فيقبضونه منه ، فيطعمون منه أبناء السبيل الرجال دون النساء ، ويطعمون منه لآلهتهم الذكور دون الإناث حتى يموت إن كان حيوانا ، فإذا مات اشترك فيه الرجال والنساء ، وأما الوصيلة فهى الشاة كانت إذا ولدت سبعة أبطن عمدوا إلى البطن السابع ، فإذا كان ذكرا ذبحوه فأكله الرجال والنساء جميعا ، وإن كان أنثى لم تنتفع النساء منها بشيء حتى تموت ، فإذا ماتت كان الرجال والنساء يأكلونها جميعا ، وإن كان ذكرا وأنثى ببطن واحد ، قيل : وصلت أخاها فيتركان مع إخوتها فلا يذبحان ، وكانا للرجال دون النساء حتى يموتا ، فإذا ماتا اشترك فى أكلهما الرجال والنساء ، وأما الحام فهو الفحل إذا ركب ولد ولده ، قيل : حمى ظهره فيترك ولا يحمل عليه شىء ولا يركب ولا يمنع من ماء ولا رى وأيما إبل أتاها يضرب فيها لم يخل بينه وبينها ، فإذا أدركه الهرم أو مات أكله الرجال والنساء فذاك قوله تعالى (١) : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) الآية (وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعنى عمرو بن لحى وأصحابه (يَفْتَرُونَ) يختلقون (عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) فى تحريمها (وَأَكْثَرُهُمْ) أى كلهم (لا يَعْقِلُونَ (١٠٣)) أمر الله وتحليله وتحريمه (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) قال لهم النبى (صلىاللهعليهوسلم) لمشركى أهل مكة (تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ) إلى تحليل ما بين الله فى القرآن (وَإِلَى الرَّسُولِ) وإلى ما بين لكم الرسول من التحليل (قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) من التحريم (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ) وإن كان آباؤهم (لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً) من التوحيد والدين (وَلا يَهْتَدُونَ (١٠٤)) لسنة نبى ، ويقال : أو ليس كآبائهم لا يعلمون من التوحيد شيئا ولا يهتدون لسنة النبى ، فكيف هم يقتدون بهم؟.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أقبلوا على أنفسكم (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَ) ضلالة من ضل (إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) إلى الإيمان وبينتم ضلالتهم (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) بعد الموت (جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ) يخبركم (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)) وتقولون من الخير والشر نزلت هذه الآية من قوله : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) إلى هاهنا فى مشركى أهل مكة حين قبل النبى (صلىاللهعليهوسلم) من أهل الكتاب الجزية ، ولم يقبل منهم ، وقد بينت قصة هذا فى سورة البقرة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) عليكم بالشهادة فيما يكون بينكم فى
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٧ / ٥٧) ، وزاد المسير (٢ / ٤٣٦) ، وتفسير ابن قتيبة (١٤٧) ، والقرطبى (٦ / ٣٣٥) ، والدر المنثور (٢ / ٣٣٧).