السفر والحضر (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ) عند وصية الميت (اثْنانِ) فليشهد شاهدان (ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) من أحراركم حران ، ويقال : من قومكم (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) من غير أهل دينكم ويقال من غير قومكم.
ثم ذكر السفر وترك الحضر ، فقال : (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ) سرتم وسافرتم (فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) نزلت هذه الآية فى ثلاثة نفر اصطحبوا فى التجارة إلى البلد ، فمات أحدهم بالبلد ، ويقال له : بديل بن أبى مارية ، مولى عمرو بن العاص ، وكان مسلما فأوصى صاحبه عدى بن بداء ، وتميم بن أوس الدارى ، وكانا نصرانيين فخانا فى الوصية ، فقال الله لأولياء الميت : (تَحْبِسُونَهُما) يعنى النصرانيين (مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) صلاة العصر (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) فيحلفان بالله (إِنِ ارْتَبْتُمْ) إن شككتم بأولياء الميت إن المال أكثر مما أتيا به (لا نَشْتَرِي بِهِ) وليقولا لا نشترى باليمين (ثَمَناً) عوضا يسيرا من الدنيا (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) ولو كان الميت ذا قرابة منا فى الرحم (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) وليقولا لا نكتم شهادة الله عندنا إذا سئلنا (إِنَّا) إن كنتما (إِذا) حينئذ (لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦)) العاصين فتبين بعد ما حلفا خيانتهما ، وعلم بذلك أولياء الميت (١).
فقال الله : (فَإِنْ عُثِرَ) فإن أطلع (عَلى أَنَّهُمَا) يعنى النصرانيين (اسْتَحَقَّا) استوجبا (إِثْماً فَآخَرانِ) وليان من أولياء الميت وهما عمرو بن العاص ، والمطلب بن أبى وداعة (الْأَوْلَيانِ) بالمال مقدم ومؤخر (يَقُومانِ مَقامَهُما) مقام النصرانيين (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) الخيانة يعنى النصرانيين ، ويقال : من الذين استكتم المال منهما يعنى من أولياء الميت (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) فيحلفان بالله أى أولياء الميت أن المال أكثر مما أتيا به (لَشَهادَتُنا) شهادة المسلمين (أَحَقُ) أصدق (مِنْ شَهادَتِهِما) شهادة النصرانيين (وَمَا اعْتَدَيْنا) وليقولا وما اعتدينا فيما ادعينا (إِنَّا إِذاً) إن اعتدينا فيما ادعينا (لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧)) الكاذبين (ذلِكَ أَدْنى) أحرى (أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ) يعنى النصرانيين (عَلى وَجْهِها) كما كانت (أَوْ يَخافُوا) أو يخافا النصرانيان (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ) أيمانهما (بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) بعد شهادة الرجلين المسلمين فلا يكتمان (وَاتَّقُوا اللهَ) اخشوا الله فى أمانته (وَاسْمَعُوا) ما تؤمرون به وأطيعوا الله
__________________
(١) انظر : صحيح البخارى (٣ / ١٩٨) ، وتفسير الطبرى (٧ / ٦٧) ، ولباب النقول (٩٩) ، والدر المنثور (٢ / ٣٤١).